مقالات الرأي

أنا مدمن على الفايس بوك..إدماني متعتي!

استيقظ على الساعة السادسة صباحا لأصلي الفجر في الفايس بوك، حان موعد صلاة الفجر أصدقائي الأعزاء.

اتوضأ ثم أصلي في البيت، لا أحب الصلاة في المسجد، في أيام البرد القارس، أو إذا كان كلب الحراسة يرعى الحي، فانا جبان أخاف من الكلاب، وقد يعترض سبيلي لص من اللصوص الذين يجتهدون في الاستيقاظ الباكر، للعمل الجاد.

وقد لا أتوضأ ولا أصلي، لكن أحب أن أذكر إخواني في الفايس بوك بموعد الصلاة، لأن في ذلك الدعوة إلى الإسلام، خاصة إن كنت نائما بجوار الدفء والحنان والرطوبة والنعومة، وسحابة رطوبة تظلل بيت نومنا، في هذه اللحظة أستسلم لشيطاني.

ففي يوم عطلة بعد الاستيقاظ اتناول وجبة الفطور، وهاتفي في يدي، أتصفح الصفحات، أهتم كثيرا بالشان السياسي في الصباح، مدمن على زيارة بعض صفحات الشباب الحزبي، دون أن اضع جيما أو تعليقا أو مشاركة، أحب أن اعرف آخر تدويناتهم لأعلق عليها في صفحتي، مناقشا أو ساخرا أو “مقلزا من تحت الجلباب”.

أجلس أكتب التدوينات، وزوجتي تنتظر مني أن اذهب إلى السوق لشراء مستلزمات وجبة الغذاء، أجلس اتحدث عن الانتقال الديمقراطي، ومواجهة التحكم، ومواجهة السلطوية، وأكتب الكثير من التدوينات، لتأمين شرعية انتخابات 7 أكتوبر، وأناقش وأرد على كل من يختلف معي، بكل الأساليب.

زوجتي تنادي علي:
– والجيلالي..ونوض عمر البوطة، راه خصني نطيب الغذاء

لا ابالي بها، منغرس في تدويناتي، وأدردش مع صديقة فايسبوكية حول المؤامرة السياسية التي يقودها إلياس العماري ضد بنكيران.

تقف زوجتي على رأسي، وتقول غاضبة:
– وداك الراجل الله يهديك.

أرد عليها قائلا:
– لحظة وأقوم من مكاني، فقط أكمل تدوينة حول أخنوش وبنكيران والملك محمد السادس.

تصرخ:
– واعباد الله، وأش أنا مزوجة براجل ولا بالفايسبوك

أقوم من مكاني، أحمل قنينة الغاز الكبيرة بسرعة، وانزل من الدرج بسرعة، كدت أن أتعثر، فتتكسر عظامي، ثم أرجع مسرعا، وأفكر في تدوينتي حول الملك وأخنوش وبنكيران، كم عدد التعليقات كم عدد الإعجابات كم عدد المشاركات، أفكر في جمهوري، وأعد قنينة الغاز في مكانها من المطبخ.

أرجع كالبرق لأحمل هاتفي.

حان موعد صلاة الظهر، أشعر بانني في ارتباط تام بنقاش حامي الوطيس حول ” مقالة جبرون”، فأقنع نفسي أن الموضوع يستحق التركيز، أصلي الظهر قبل صلاة العصر بعشر دقائق.

حان موعد الغذاء، اتناول الأكل وأتابع النقاش العميق حول الانتقال الديمقراطي، ومواجهة السلطوية والتحكم، وزوجتي حملت هاتفها أيضا، تتابع مناقشة في الواتساب حول “أسرار المطبخ”، بنتي تجلس تشاهد قناة طيور الجنة.

في الليل، أجلس متصفحا صفحات، من هم ضد التيار، مدمن على زيارة صفحة سقراط و”زوجته”، لأقرأ التعليقات القاتلة بسكين الضحك، وأرى عالما أخر من الملحدين والمثليين والسلفيين والإخوانيين وقد اجتمعوا هناك.

ثم أتجول في كل صفحات النكت والأخبار الغريبة، والفيديوهات الحمقاء، لأكتشف عالما من المغاربة، يتفنون في السب والشتم، إلى درجة الضحك حد الجنون.

كما أنني ازور سعيد بنجبلي لأسمع إلى فتاويه، لأرى عالما أخر من المغاربة، كيف يفكر في الدين و التدين.

وأختم الليل بمشاهدة قناة ريتشارد عزور، يا إلهي يا إلهي

أفعل كل ذلك دون ان يتزعزع حبي لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ودون أن أفرط في فرض من فروض الصلاة، لكنني أجتهد واصلي فرضا واحدا في المسجد، وقد لا أصلي.

أرجع إلى سريري، وآخر ما اقرأه، صفحة كائن عجيب وغريب، الكاتب مصطفى بوكرن، يكتب قصصا يحكي فيها “الحنين إلى الماضي” بكل تفاصيله، يحكي قصصا إخوانية في المرحلة الطلابية، حيث كنت مناضلا في منظمة طلابية، أضحك كثيرا وأكي كثيرا.

ولذلك، انا مدمن على هذه الحياة الفايسبوكية، أشعر بالمتعة، هكذا..وأفتخر بهذا الاستمتاع، ولا أطلب من احد، أن يقدم لي نصيحة للابتعاد من هذه المتعة الجنونية، فمتعتي إدماني.

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق