مقالات الرأي

حمزة الوهابي: بين يدي العبرة! أي مستقبل للحركة الاسلامية؟

حمزة الوهابي (محي الدين)

       طـالب بـاحـث

لقد كانت العبرة والمثال جزء من التوصيف الثقافي للبيئة العربية، وما اعتمدها الخطاب القرآني إلا أعمق آثارها في فعل التغيير. وأنا اطرح هذا الأسلوب في الكتابة لمحاولة تقريب الفكرة للقارئ بعيدا عن الغرق في بردغمات الانساق الفلسفية في التحليل، ولهذا سأبقى ابن بيئتي وأحاول التحليل من خلال ما يقبله العقل العربي ويستوعبه بيسر.
وانت تدرس بعض التجارب الفاشلة في التغيير عن جيل الصحوة، ستجد تجربة السودان من بين تلك التجارب الاكثر المأساوية في تاريخ الصحوة، اذ ان تجربتها كانت ولاتزال عبرة لباقي حكرات الصحوة في القطر العربي، وعذا يظهر من خلال الأخطاء التاريخية التي ارتكبتها هذه المدرسة.
إن أسوء خطأ قامت به الحركة الإسلامية في السودان هو أنها أدخلت في إدراك أفرادها مسلمات فكرية خاطئة، وغرس في وجدانهم أنها هي المطلق التام وهي الإسلام في ذاته، فلما دخل الحركة الإسلامية إلى الحكم وتبين لها أن تلك المسلمات ليست صحيحة وغير قابلة للتطبيق، ولن تعطي النتائج المرغوب فيها؛ وجدت صعوبة في إقناع مريديها في تغييرها..
والنتيجة شباب يتجه إلى العنف وإلى المفاهيم الجهادية وبلد فقد جزء من أرضه واختلالات اقتصادية واجتماعية وبنيوية بالجملة.. وتنظيم يعيش أزمة خانقة وصلت إلى حد الانفجار!
والمتهم الرئيسي هو الإسلام! لأن شعار الجماعة كان الإسلام هو الحل!
إن علوم الحديث وتفرعاتها وعلوم القرآن وتفرعاته وباقي فروع العلوم الشرعي، لا تصلح لتحليل البنى الاجتماعية وبلورة وجهات نظر صلبة لمحاولة الإصلاح والتغيير..
والذين يروجون لمقولات فضفاضة من قبيل أننا إذا عدنا إلى الإسلام ستحل كل المشاكل، ذلك أن الإسلام جاء بالزكاة لمحاربة الفقر وجاء باقرأ لمحاربة الجهل(…)، هو فقط يعطي مجموعة من الجمل الإنشائية الجميلة والبسيطة لدغدغة عواطف الناس..
الإسلام ليس دستور، وليس نظرية لتحليل الاجتماع البشري، ولا هو كتاب في الاقتصاد السياسي، ولا نظرية في السياسة والدولة..
الإسلام هو إسناد قيمي للانسان، يقوم بتوجيهه أخلاقيا وسلوكيا،وهذا الإنسان يتكلف بابداع البردغمات التي ستنفعه في كدح الدنيا..
وعليه لم تكن الخلافة يوما نظام حكم رباني المصدر، بقدر ما كانت اجتهاد بيئة اجتماعية، كان أقصى ما يمكن أن تنتجه في تلك الظروف الاجتماعية والمادية والثقافية هو ذلك النمط في تسيير حياة القبائل والعشائر، وبالتالي لم تكن الخلافة راشدة بقدر ما كان الحكام راشدون! وقس على هذا الكلام في باقي المفردات..
كما أن الشريعة وما يتبعها من أحكام وما يتصل بها من حدود، هي الأخرى موضوع الاجتهاد البشري وليست موضوع إملاء إلهي..
وأنا إذ اقول هذا الكلام لا اضرب فيما يتصل بالفكر الاسلامي، لاصطف تلقائيا مع المنظومة الحداثية، بقدر ما أنتصر للرؤية التي تقول ان البنية الفوقية ما هي إلا انعكاس لتمحلات البنية التحتية، فالنظرية والفكر والحل ابن بيئته!
وعليه يحب أن نعيد قراءة الواقع ونحاول القيام بالتوصيف الثقافي للأزمة، حتى نجد حلا مناسبا وأكثر واقعية وتماهيا مع ما نعيش..
يتبع..

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق