مقالات الرأي
مصطفى بوكرن يكتب: المداويخ و الصكوعة والمراقب العام..أسماء غير ديمقراطية!
انطلق خلاف بين بعض شباب العدالة والتنمية المحترم، وبين القيادي المحترم الأستاذ محمد يتيم، عضو الأمانة العامة، حول الانضباط لتوجيه الأمين العام بنكيران بعدم التعليقات على المشاورات الجارية بين رئيس الحكومة وباقي الأحزاب.
في هذا السياق، وصف الأمين للحزب، بعض مناضلي الحزب، الذين يدونون يوميا تدوينات حزبية وسياسية “بالمداويخ” ثم أتبع ذلك بوصف جديد ” الصكوعة”.
فتجدد الجدل مرة، لينتج عن ذلك، نحت وصف للقيادي المحترم محمد يتيم وهو:”المراقب العام”.
ما الذي يثير انتباهي في هذا الجدل؟
لن اهتم بموضوع النقاش، ولكن سأركز النظر، في الأوصاف التي ينتجها أعضاء من داخل التنظيم يقصد بها أفراد بعينهم، وأطرح السؤال:
لماذا يطلق عضو على عضو آخر ” تصنيفيا غير ديمقراطي”؟
التنظيم هو مجموع العلاقات التي يربطها الأفراد في ما بينهم وفق رؤية معينة، وهذه الرؤية تضم القانون الداخلي، الوثيقة المذهبية، النظام القيمي والأخلاقي..، كل ذلك من أجل وضع ترتيب معين داخل التنظيم، وهذا الترتيب ينظم وفق تصنيفات معينة.
التنظيم يحدد أسماء أعضائه، وهي كثيرة:(أمين عام، عضو الأمن العامة………) وهذه التصنيفات، لا يختارها الشخص، بل هي اختيار جماعي وفق منهجية شورية ديمقراطي، تتكل في مؤتمر موطني، يعيد ترتيب التنظيم، وإعادة تعريف أعضاء التنظيم. عضو عادي، يصبح كاتبا إقليميا، عضو عادي يصبح رئيس جهة ..وهكذا، يعني أن هناك رؤية ديمقراطية، يسلكها التنظيم في إعادة تسمية أعضائه مرة في كل خمس سنوات.
لكن على هامش هذه الأسماء التنظيمية الديمقراطية، تظهر تصنيفات فوق تنظيمية، تشبه التصنيفات التي يطلقها أفراد المجتمع على بعضهم البعض :”راس الطارو، القط، الجن، بوحمارة…”، وهذه التصنيفات لا يسمى بها الفرد في جمع ديمقراطي شوري، بل هي تسميات، يقذف بها في الطرقات والدهاليز التنظيمية، فتنتشر كالنار في الهشيم، ولوكانت على سبيل المزاح.
إذن، أفراد التنظيم يتسمون أسماء معينة، وفق سلوك ديمقراطي ينتمي إلى التنظيم :”أمين عام، عضو أمنة العامة، مسؤول لجنة..” وما عادا هذه التسميات، كالتسميات التي يطلقها أفراد التنظيم على بعضهم البعض:” المجدوب، الصكع، المدوخ، المراقب العام..” هذه التسميات تعبر عن معطى ثقافي غير سليم، في تعامله مع الآخر الذي يختلف معه، يصنفه فيحنطه.
الأصل في أفراد التنظيمات أن تسمياتهم الحركية التنظيمية، تتحدد في جمع عام وطني أو محلي، لكن هؤلاء الأعضاء، يتعرضون للقصف بتسميات معينة، ما هو أثر هذا السلوك؟
التنظيم يجدد مواقع أفراده، بطريقة ديمقراطية، مرة كل 4 أو 5 أو 6 سنوات، إذا تغير الموقع تغير الاسم و التصنيف.
حينما يقصف فرد بتصنيف، هذا التصنيف هو آلية عزل عن مسار التطور الطبيعي في التنظيم، أي أن هذا التصنيف يعزل الفرد عن باقي أفراد التنظيم الطبيعي، فينتشر هذا التصنيف انتشارا رهيبا.
مثلا: تصنيفات الصكوعية والمداويخ، و المراقب العام، هي تصنيفات تعزل أصحابها عن الفضاء التنظيمي الطبيعي، إلى فضاء آخر، ينتمي إلى ما قبل التنظيم الحزبي ، أي إلى فضاء القبيلة والحومة او لاد الدرب.
هنا اللغة، تمارس وظيفة عزل الفرد، وفصله عن موقعه داخل التنظيم، حينما يطلق وصف “المداويخ”، يعني أن المدوخ لا ينتمي إلى التنظيم فهو ينتمي إلى ما قبل التنظيم، الفرد الذي ينتمي إلى التنظيم هو العضو:”المنضبط” الذي ياتمر بوامر القيادة، النتيجة سحب اسم المناضل وتسميته باسم المدوخ
والذي يطلق وصف المراقب العام، يمارس نفس الوظيفة، يعزل من يوصف بهذا الوصف عن التنظيم الحزبي، ويقذفه في تنظيم آخر أشبه بالقبيلة والطائفة، لأن القواعد التي وصفت قياديا بهذا الوصف، تريد عزله لغويا في المقام الأول، وتسحب منه صفة عضو الأمانة العامة.
الخلاصة: الأسماء غير الديمقراطية التي تطلق على عضو من اعضاء التنظيم، هدفه واحد، عزل الفرد عن التنظيم وإبعاده عن رهاناته المستقبلية، وأهم رهان، لحظة الانتخابات الداخلية، التي تتغير فيها مواقع أفراد التنظيم، فتتجدد تسمياتهم.
بمعنى آخر، إطلاق اسم غير ديمقراطي، هو إنهاء مسار التطور الطبيعي لعضو من اعضاء التنظيم، لن يتجرأ شخص على التصويت في الانتخابات الداخلية على :”مدوخ أو صكع..”
قد يطرح هذا السؤال: ما مصير المراقب العام فمكانه محفوظ؟
إن تحدثنا عن وظيفة تكنوقراطية، قد تحفظ له، ولكن أن يكون قائدا لاعضاء الحزب، فهؤلاء الأعضاء يعيدون تعريفه وتسميته باسم يعزله عن أن يكون قائدا لهم، تبدأ العملية خطوة خطوة، لأن الاعتراف لشخص بالقيادة داخل التنظيم مسألة بالغة التعقيد.
ملاحظة: أفتاتي، عزله بنكيران لغويا :”مجدوب، عقلو خفيف” ثم جاء بشكل طبيعي “العزل التنظيمي” أي أن أفتاتي حاليا بعيد عن مواقع التدبير، وإن كان كبر كقيمة ثقافية واخلاقية في عيون المناضلين.
والله أعلم