مقالات الرأي
محمد يتيم يكتب: الياس العماري .. داعية المصالحة والسلم الأهلي !
من سيصدقكم السيد الياس ؟
شكرًا لك على مقال”كم ” المؤثر !
شكرا لك على نصيحتك وموعظتك البليغة والمؤثرة التي رقت لها قلوبنا وذرفت منها عيوننا ، فدفعتنا الى ان نحدث انفسنا ونراجعها لعلها تتوب توبة نصوحا من المشاعر السلبية والاحقاد البغيضة التي توشك ان تفكك وحدتنا وتقضي على لحمتنا الوطنية !!
لا أخفيك انك أصبت فينا مقتلا ، ولامست فينا ضعفا وانت تخاطب وتستحث فينا “شجاعة مفقودة” من اجل مصالحة تاريخية ودعوة للانقاذ وارادة طوعية من اجل تقعيد ورش المصالحة ومعالجة اعطاب التاريخ !!
أصبت فينا مقتلا وأنت تعزف على ضعفنا حينما خاطبت فينا الروح الانسانية ودعوت لسيادتها ولامست فينا قيم الحرية والمساواة والسلم والمحبة مذكرا ايانا بمقومات أصالة حضارتنا، الساطعة بأنوار الإيمان والأمن والمحبة والمعرفة والتسامح والتلاقح والإخاء؛ كما خط يراعكم المبهر، وبتملك التحديات المعاصرة المعقدة والمنفلتة من كل قولبة أو تنميط قسري كما قال تحليلكم المنور !!
كيف يمكن لمواطن حساس لخطاب الاخوة والمواطنة والمصالحة ان يرفض بسط يد بيضاء للجميع، ودعوة ” كريمة ” لتجاوز الخصومات الجوفاء والأحقاد العمياء؛ والاعتراف المتبادل ببعضنا البعض، ووضع مصلحة الوطن وكرامة الشعب على رأس الأولويات .. كيف ثم كيف لولا ثم لولا، ولو تفتح عمل الشيطان !!
والله ان لنا لإحساسا بمواطنتا وغيرة على وطننا ، على الرغم من انكم ظللتم الى وقت قريب تعتبروننا من الخوارج المتامرين على المغرب المنخرطين في مخططات ” التنظيم الإرهابي ” للإخوان المسلمين ، وعملاء لدولة قطر وجزيرتها ” الخنزيرة ” كما يصفها اعلامكم !!
اسمحوا لي رغم عواطفي الساذجة تلك ان احدثكم بهواجس نفسي الامارة بالسوء التي تجعل شكنا في مصداقية خطابكم شكا مذهبيا وليس شكا على غرار شك ديكارت المنهجي،
كيف وأنكم قد بصمتم خلال العقد الذي وفدتم الى الساحة السياسية من بوابة ” التحكم ” بصمات يصعب محوها بقصيدة عاطفية في التسامح والتلاقح والإخاء، واسمحوا لي باستخدام مصطلح التحكم ربما لآخر مرة، ليس نبشا من جديد في الاحقاد ونكاْ للجراح، وإنما تذكيرا بمقومات المصالحة وفتحا صفحة جديدة تنطلق من الإقرار بالاساءات الكبرى التي ارتكبتم في حق الوطن !
اسمحوا لي لأن نفسي الامارة بالسوء وشيطانها وشيطان ديكارت أيضا قد استفزاني وما زالا يستفزاني بسؤال محير: من سيصدق ان الامر يتعلق فعلا بالسيد إلياس ! من سيصدق أولا أن يديه ويراعه هما اللذان صاغا هذا الإنشاء الجميل والمبهر؟
ومن سيصدق ثانيا انه اذا ثبت انه هو الكاتب، أنه صادق فيما يقول غير كاذب؟
من سيصدق أن من قال منذ اول يوم وما فتئ يقول: انه جاء لمحاربة الاسلاميين من اجل الاسلام ؟ قد اصبح فجأة مفكرا ملهما داعيا للمصالحة متعاليا على صراعات عصره وزمانه مثل الدكتور عابد الجابري الذي دعا بحدس مبكّر الى أن الكتلة التاريخية معبر ضروري نحو الانتقال الديمقراطي؟
من يصدق وقد كان هو وصناديد حزبه يعتبر حزب العدالة والتنمية جزءً من مؤامرة دولية ظلامية اخوانية تريد ان تعصف بمكاسب المغرب الحقوقية والتنويرية ؟
من يمكنه ان يصدق لحظة واحدة أن مهندسي مسيرة ” أخونة الدولة والمجتمع ” التي خرجت لمواجهة ” التوحد ” واخراج ” بن كيران ” من صحرائنا؟ يمكن ان يتحولوا فجأة الى دعاة للوئام والمصالحة الوطنية !! ؟
كيف يمكن تصديق ذلك والإساءات التي صدرت منهم في حق الوطن والثوابت ومسار البناء الديمقراطي لم تندمل جراحاتها، والإساءات للاحزاب الوطنية، لغة التهديد والوعيد بالملفات والمتابعات الضريبية، والسطو على أعيان الاحزاب واللعب في حديقتهم الخلفية الانتخابية، والإساءة الى صورة الادارة الترابية الوطنية وتوريط بعض عناصرها في سلوكات مضرة بالمغرب وسمعته ونموذجه الديمقراطي؟؟
جميل ان تلقننا السيد الياس او من كتب لك هذه القصيدة الغزلية دروسا وتلقي فينا مواعظ في الوحدة والمواطنة المشتركة بين بنات وبناء المغرب، وفي مفاتن ومحاسن المصالحة التاريخية الشجاعة التي نحن بصددها. !!
لله ذرك ولا فُض فوك وأنت تقف فينا معلما ومرشدا وكأنك قائد منتصر فاتح يعفو عمن اساء اليه ويقول: ما تظنون اني فاعل بكم، اذهبوا فأنتم الطلقاء! انا اخ كريم وابن اخ كريم
من سيصدق وخرجاتك الحربية ما زال صداها يتردد في الأسماع والبقاع ،،وكان آخرها ما تحدثت به قيادات من حزبكم عن انخراط حزب العدالة والتنمية في ” مشروع دعوي أممي جبار متوحش العقيدة وفائق الوسائط التواصلية والموارد اللوجيستيكية والمالية والقدرة على تجنيد شبكات التواطؤ والعمالة الداخلية والخارجية ” ، ” مشروع يسعى لإلحاق المغرب بأفواه وأصوات المرتزقة والعملاء، لجنون فقه علماء مشرق التعصب والتطرف والتكفير، وشرعنة الفتن والحروب وتدمير العمران و الحضارة.”
كيف تدعونا لمصالحة وحزبك يتحمل مسوولية كبرى عن إفساد الحياة السياسية والحياة البرلمانية والجماعية وتمييعها منذ اليوم الاول لتأسيسه ؟ كيف تدعونا لمصالحة وحزبكم ولد منذ اليوم على تشجيع الترحال السياسي !! وتأسس على خليط من أصحاب السوابق الأيديولوجية المتنافرة وأصحاب المصالح الذين يبحثون عن حماية وتأمين تلك المصالح !! واسهم نافذوه في تخريب تحالفات المجالس الجماعية بعد انتخابات 2009، و مارس التهديد ووعد بالويل والثبور لأطراف في التحالفات التي كانت تنسج انذاك لتشكيل المكاتب المسيرة للمجالس !!
كيف وانه قد اتيحت لكم فرصة بعد انتخابات 2011 للقيام بنقد ذاتي والتوبة توبة
نصوحا،وتحولوا حزبكم الى حزب طبيعي، وابعاد الشبهة عنكم ، لكن عِوَض ذلك انطلقتم في موجة جديدة من التسلط والهيمنة واستخدام النفوذ، وسمنتم حزبكم على احزاب كانت معكم في المعارضة وتظاهرت معكم في المشاكسة للحكومة، احزاب ظنت ان التحالف معكم طريق سالك لإسقاط التجربة الحكومية وإنهائها، لكن مع مر الزمن ثبت انكم اشتغلتم فقط لخدمة مصالحكم ، فجمعتم رصيدا من المقاعد بالسطو على اعيانها ومرشحيها المفترضين الذين رأيتم انهم أقدر على الفوز في الانتخابات الجماعية والانتخابات التشريعية، وليكتشفوا أنه لا ثقة في حزبكم وأنكم خطر حقيقي على التجربة الديمقراطية.
كيف وقد تبين انكم لا تملكون مشروعا سياسيا حقيقيا يعبر عن مصالح اجتماعية معينة وحزبكم لا يمتلك ايديولوجيا سياسية ومذهبية فكرية حقيقية، وانه ليس سوى تجميع لافراد ومجموعات بعضها منحدر من أقصى اليمين وبعضها الاخر من أقصى اليسار، وبعضها لا هو من اليمين او اليسار وانما هو مع المصلحة حيث دارت. وانما ما يميز ” مذهبكم ” هو التلفيق السياسي والسطو على الرأسمال المشترك والتمسح تارة بالحداثة وتارة اخرى باختزال مشروعه في مواجهة ” الاسلاميين “؟
أبعد أن فشلت إمبراطوريتكم الإعلامية ومحاولاتكم للوشاية بِنَا وتحريض أجهزة الدولة لتحريك متابعات في حقنا؟ أبعد ان مارستم كل اشكال الابتزاز على الدولة من قبيل اتهام وزارة الداخلية في التواطؤ في عمليات “اغراق” اللوائح الانتخابية !
أبعد ان مسستم بمصداقية مؤسسات الدولة ومصداقية العمليات الانتخابية من خلال ادعائكم ان انتخابات سنة 2011 متحكم فيها من خلال تعليمات أعطيت لكم بعدم تصدر الانتخابات !! فهل يا ترى أعطيت لكم نفس التعليمات بعدم تصدر استحقاقات السابع من أكتوبر! أفيدونا رحمكم الله !!
أبعد أن اصطدم رهانكم على تصدر المشهد الانتخابي وتوسلتم فيما وصلتم إليه بكل الأساليب غير الطبيعية بل ومساندة بعض الأوساط في الادارةً وكانت لكم – مهما انكرتم – يد طولى في مسيرة فضحتمونا بها على رؤوس الأشهاد ؟
ابعد ذلك كله وغيره مما يطول الحديث في بسطه تظنون انه بالإمكان ان نصدقكم، قبل ان نرى أقوالكم وقد تحولت الى افعال وحقائق على الارض؟
سنصدقكم فقط حين نراكم تبتم توبة نصوحا من التحكم وأساليبه والسلطوية وألاعيبها وحين تقومون بمراجعة شاملة لمساركم السياسي وتنجزون نقدا ذاتيا حقيقيا لتجربة حزبكم، قد تكون نتيجته تركه لشأنه كي يتحول تدريجيا الى حزب طبيعي، وليختار المنتمون اليه بكامل ارادتهم ووعيهم مواصلة النضال في صفه او مغادرته الى أرض الله الواسعة دون ضغط او ترهيب، ودون طمع او ترغيب!
هو هذا الطريق الى المصالحة .. ان يتصالح حزبكم مع نفسه ومع قوانين الاجتماع السياسي .. ان يتحول الى حزب طبيعي يشتغل بطريقة طبيعية ويأخذ موقعه الطبيعي ومكانته الحقيقية، كي نرى آنذاك هل ستكتب له حياة عادية أم لن يكون بمقدوره الاستغناء عن التنفس الاصطناعي والتغذية الصناعية، أم أن أهله والمشفقين عليه من ألام الحياة الاصطناعية سيتخذون فيه قرارا بنزع أدوات التنفس الاصطناعي!!