مقالات الرأي

أمحجور..همس كليلة ودمنة وما جرى لعجلان ابن قنديش

قصة الغراب والتراب..
قال دبشليم لبيدبا الفيلسوف: قد سمعت هذا المثل. فاضرب لي مثل البلاغ العجلان من غير روية ولا نظر في العواقب. قال الفيلسوف: إنه من لم يكن في أمره متثبتاً لم يزل نادماً ويصير أمره إلى ما صار إليه أمر عجلان ابن قنديش..
.قال دبشليم: وكيف كان ذلك؟ قال الفيلسوف: زعموا أن غرابا من خدام الغابة الأوفياء أعطي من بعض خدام الغابة الأتقياء، عطاء من لا يخشى الحساب، ولأن العطاء رضاء خصوصا إذا كان من تراب، فإن الغراب فرح وسعد واستعظم، وما ظن أن كثيرا من أهل الغابة ملوا من العطاء وإن كان من تراب، فتداولوا في السر ثم بعد ذلك في العلن قصة الغراب الشاطر الذي ”خدم” الغابة وفاز..


انتشر الخبر كالنار في الهشيم، وتحدث سكان الغابة عن قصة العطاء بالتراب، وعن من أعطى ومن تسلم، وظهر للعيان أن الغراب وإن كان من خدام الغابة الأوفياء ما كان له أن يستفيد لولا دعم الثعبان الأسود والعلجوم (هو حيوان برمائي غير مصنف من رتبة عديم الذيل(…


ونظرا لخطورة الوضع تدخل الثعلب وهو المعروف لدى سكان الغابة بعجلان ابن قنديش، فاستدعى الثعبان الأسود والعلجوم، وطالبهم بوضع حد لهذه الأخبار التي يتداولها سكان الغابة، والتي، إن استمرت لا قدر الله، فستفسد العطاء وإن كان من تراب، فأمر عجلان ابن قنديش بنشر بلاغ يوضح لأهل الغابة قصة الغراب والتراب…
صيغ البلاغ من عجل ونشر، فصدم أهل الغابة وبدا لهم أن العطاء وإن كان من تراب هو أهون من بلاغ عجلان ابن قنديش، وفهموا، بعد ما قرؤوا بين السطور، أن عجلان لما رأى الخبر قد انتشر ما صبر، فطار عقله، وظن أنه الغراب قد اختنق، فلم يتثبت في أمره ونشر البلاغ، فصار سكان الغابة يتنذرون بالبلاغ حتى كادوا أن ينسوا قصة الغراب والتراب، وتورط عجلان ابن قنديش، فلا سكان الغابة أسكتَ ولا الغراب سترَ ..
ارتبك عجلان وزار الحكيم “بيدبا” وأخبره بما وقع، فقال له الحكيم: ” هذه ثمرة العجلة فهذا مثل من لا يتثبت في أمره بل يفعل أغراضه بالسرعة والعجلة”. وما زاد الحكيم على ذلك لفظا.

.

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق