مقالات الرأي
الريسوني يكتب عن مهرجان موازين: الرعاية الملكية.. لماذا؟!
انتهت الدورة الخامسة عشرة من مهرجان موازين للرقص والغناء، وألقى أربابُه إلى وسائل الإعلام بدلائلهم ومزاعمهم حول مدى نجاحه ومدى شعبيته، بما فيها أرقام بعشرات الآلاف ومئات الآلاف، للمتابعين له في مختلف المواقع والشوارع…
ومعلوم أن هذا المهرجان ينظم — وبصفة دائمة — تحت الرعاية الملكية المتميزة.
السؤال هنا هو: لو لم يكن هذا المهرجان المتفرعن يحظى برعاية ملكية متميزة، هل كان سيصل إلى حد تسويقه وتصنيفه على أنه “مهرجان ساحر باهر”، أم كان سيبقى مجرد “مهرجان فاتر بائر”؟ وهل كان سيصمد ويستمر كل هذه السنين، لولا تمترسه خلف الرعاية الملكية؟
نحن نعلم أن الرعاية الملكية — حين يتم الحصول عليها – تصبح عند الكثيرين أداة سحرية لجلب الأموال، وفتح الأبواب، وتجنيد السلطات، وتلقي الخدمات والتسهيلات، من مختلف المؤسسات الخاصة والعامة. وهو ما لا تحظى بشيء منها أنشطة وأعمال كثيرة قد تكون أنفع وأجود، بل ربما لا تحظى إلا بضده!
فهل “النجاح” في هذه الحالة هو نجاح لمهرجان موازين ونظائره من الأنشطة المغطاة بعنوان الرعاية الملكية، أم هو نجاح للرعاية الملكية نفسها، لا أقل ولا أكثر؟
إن مما لا شك فيه أن الرعاية الملكية قد تتحول في محصلتها إلى امتيازات ومكاسب مالية وسياسية وإدارية. ومعلوم أن طلب الحصول على الرعاية الملكية تتدخل في تسويغه وتسريعه، أو في رفضه وعرقلته، جهات وشخصيات عديدة، تضع عليه بصماتها المؤثرة، بالتزكية والإقرار، أو بالتحفظ والإقبار…
في بعض الدول العربية الشبيهة بالمغرب، يتسع هذا الامتياز وتتعدد مستوياته ومسالكه وجهاتُ منحه؛ فتجد رعاية ملكية أو أميرية، وتجد رعاية سمو ولي العهد، ورعاية معالي رئيس الوزراء… وهكذا يمكن الحصول على الرعاية الذهبية، فإن لم يكن فعلى الرعاية الفضية، فإن لم يكن فعلى النحاسية.
إن النظر في مسألة الرعاية الملكية، بمعاييرها وموازينها وآثارها، يفضي بنا حتما إلى طرح قضية الريع، وقضية المساواة وتكافؤ الفرص بين أبناء الوطن، وتدعو إلى المراجعة وإعادة التقييم.
الرعاية الملكية بين التعميم والتخصيص
روى الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ألا كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته: فالإمام الذي على الناس راع، وهو مسئول عن رعيته…)
فالواجب والوضع السوي، هو أن الإمام يبذل رعايته ويتيحها للجميع وعلى حد سواء، ليس فيه تفضيل ولا استثناء، وإلا لم يكن راعيا بحق وعدل.
وعلى هذا الأساس، يجب على جميع المسؤولين في الدولة، وخاصة في وزارة الداخلية، وفي وسائل الإعلام العمومية، أن يعتبروا أن جميع المبادرات والأنشطة القانونية، الشعبية أو الرسمية، ثقافيةً كانت أو علمية أو فنية أو اجتماعية أو سياسية، هي أعمال حاصلة تلقائيا على الرعاية الملكية، وداخلة حتما تحتها. بل تستطيع كل جمعية أو منظمة أو مؤسسة، أن تقول وتكتب عن أي نشاط قانوني مفيد تقوم به: إنه يجريتحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة.
وإذا كان لا بد من تمييز تفضيلي خاص في هذه الرعاية، فيجب أن يعطى للضعفاء والمستضعفين والمهمشين، إلى أن يصيروا مثل غيرهم.