مقالات الرأي
حسن حمورو: كذبة “بيل غيتس” و 100 مليون دولار… هكذا يبيع الياس العماري الوهم!
حسن حمورو
كان واضحا منذ بداية إطلاق إشاعة “إقناع” الياس العماري الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة ورئيس جهة طنجة تطوان الحسيمة، لبيل غيتس بالاستثمار في المغرب كما روجتها بعض ملحقاته في الفضاء الإعلامي، أن الأمر لن يتعدى مفعول قنبلة دخانية و”ضريب على الشعا” كما هي عادة هذا الجسم الغريب الذي ما يزال يصول ويجول في الساحة السياسية.
وكان متوقعا أن تنفجر هذه البالونة في الهواء، ويظهر بعد انقشاع الغبار أن ما تحت الياس العماري ليس خيلا وإنما مجرد حمار، وقد استطاع الصحافي أنس بنضريف بنباهته ومهنيته أن يكشف المدخل المؤدي إلى فضيحة من العيار الثقيل، تزيد من تعرية الأسلوب الرخيص الذي يشتغل به العماري ويبعث من خلاله إشارات القوة والتأثير والنفوذ للحصول على ما يريد أو على ما يريد من يشتغل لحسابهم.
وقد تولى رواد مواقع التواصل الاجتماعي اليقظين، مهمة تعميق البحث في ثنايا هذه الهزيمة الجديد لالياس العماري، معلقين بسخرية على الـ 100 مليون دولار التي أصبحت في أقل من 48 ساعة مجرد سراب حسبه الطماعون والمغفلون إنجازا غير مسبوق.
دعونا الآن بشكل جدي نكشف تفاصيل ما حدث، وما كان سيحدث، ونستنتج بعدها كيف يشتغل الياس العماري، وكيف يوهم أتباعه من أصحاب المصالح والمنوَّمين، أنه يتمتع بقدرات خارقة ونظرة ثاقبة، وحس عال في التدبير وجلب الاستثمارات.
الأمرمن أصله يتعلق باتفاقية وقعها صندوق قطر للتنمية يوم 13 أبريل الماضي، لمنح 50 مليون دولار أمريكي للمساهمة في رأسمال صندوق سمي “العيش والمعيشة”، تم إنشاؤه بالتعاون بين البنك الاسلامي للتنمية ومؤسسة “بيل وميليندا غيتس” بهدف توفير قروض للدول الأقل نموا، حسب ما وصف بلاغ صدر عن وزارة الخارجية القطرية.
وأضاف البلاغ أن هدف هذا الصندوق هو توفير قروض ميسرة بقيمة 2.5 مليار دولار أمريكي إلى الدول الأقل نموا بين البلدان الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية بافريقيا وآسيا، موضحا أن أن الصندوق سيهتم بقطاعات الصحة والزراعة والقروض الميسرة والبنية الأساسية والتحتية الخاصة بهذه القطاعات.
البلاغ الذي تناقلته مختلف وكالات الأنباء الدولية، أكد على أن صندوق “العيش والمعيشة” لم ينطلق بعد في تمويل المشاريع، وأنه في مرحلة إعداد دراسات الجدوى استعدادا لانطلاقه مع بداية العام المقبل، محددا مساهمة البنك الإسلامي في 100 مليون دولار، ومثلها لمؤسسة “بيل غيتش”، و50 مليونا من صندوق قطر.
وطبعا المغرب معني بهذه الاتفاقية، باعتباره من الدول المستهدفة بالتمويل، في إطار ما هو محدد في الاتفاقية، وكان طبيعيا أيضا أن تكون وزارة الاقتصاد والمالية، قناة التواصل بين المشرفين على الصندوق والمسؤولين المغاربة، ويبدو أن مصالح هذه الوزارة قطعت أشواطا في العملية، وبدا لبعض المسؤولين فيها أن وقت القطاف قد حان، وأن شرف القطاف يستحقه المدلل إلياس العماري، كهدية في صراعه المتواصل لإثبات نفوذه، فأوحي إليه بعقد اجتماع أول في مقر الوزارة كما اعترف بذلك في بلاغ أصدره مساء انكشاف الحقيقة، ثم اجتماع ثان بطنجة حرص في بلاغه أن يخص بالذكر ممثل الوزارة، ووالي الجهة، إلى جانب ممثلين عن المصالح الخارجية.
ومن سوء حظ إلياس العماري، أن مسؤولا في البنك الإسلامي للتنمية ومسؤولا في مؤسسة “بيل غيتس”، نفيا في تصريح لـ cnn عربية، أن يكون صندوق “العيش والمعيشة” قد وقع أي اتفاق مع جهة طنجة الحسيمة، لتمويل أي مشروع كما ورد في موقع حزب الأصالة والمعارصة، وفي عدد من المواقع الأخرى.
الآن ماذا يعني كل هذا… بالمختصر المفيد، نحن أمام محاولة سطو وسرقة موصوفة فاشلة، وأمام استغلال بئيس وبشع لمؤسسات الدولة وخاصة وزارة المالية ووزارة الداخلية، من طرف شخص مدعوم ومسنود من جهات مختفية في مكان ما، لهدف ما، غير آبه بمتطلبات دولة المؤسسات، وبمتطلبات تكافئ الفرص والتنافس النزيه والشريف في خدمة الوطن والمواطنين بكل الجهات.
إن كذبة إلياس العماري، تكشف من جديد أن جزء من جسم الإدارة ما يزال مريضا، باستمرار وفائه وولائه لمنطق نفوذ الأشخاص، وهنا نتساءل عن دور وزارة المالية في محاولة السطو هاته، وكذا دور وزارة الداخلية، بعد أن ظهر والي جهة طنجة في إحدى صور إشاعة إقناع “بيل غيتس” بالاستثمار في المغرب.
لكن ومع ذلك، أعتقد أن اللعب بات مكشوفا أكثر، وأصبح بإمكان الجميع تتبع تفاصيله، وفضح تجاوزاته، كما حدث في محاولة الركوب على مقترح الحكومة لحل ملف الأستاذة المتدربين، من خلال إطلاق كذبة “حل 24 ساعة” وقبلها بسنوات كذبة اقناع البارغواي بسحب اعترافها بالبوليساريو، اللتان لم يكن وراءهما إلا إلياس العماري نفسه الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة نفسه.
انتهت اللعبة وانتهى معها الكلام… وكسدت معها بضاعة التمويه والتدليس، وفسدت معها تجارة بيع الوهم، إنه مغرب جديد وجمهور جديد وفضاء نزال تحت الأضواء الكاشفة !