سياسة

النوم المتوازن يحمي الإنسان من السكتة الدماغية وضمور خلايا المخ

للنوم تأثير كبير على أجهزة الجسم المختلفة وخاصة الدماغ سواء سلبا أو إيجابا، وذلك من خلال مدة فترات النوم التي يحصل عليها الإنسان، فبحسب دراسة أميركية، فإن الإفراط في النوم يمكن أن يضاعف ثلاث مرات خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، ويزداد الخطر عند الذين يعانون ضغط الدم المرتفع، كذلك فإن الذين ينامون أقل من خمس ساعات يومياً أكثر عرضة للإصابة بنزيف المخ.

توصل الباحثون خلال الدراسة التي أجرتها جامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة، إلى أن الذين يواظبون على النوم أكثر من ثماني ساعات أكثر عرضة بنسبة 14 بالمئة للإصابة بالسكتة الدماغية، وتنخفض النسبة إلى الثلث أيّ نسبة 5 بالمئة، عند الأشخاص الذين ينامون من سبع إلى ثماني ساعات ليلا، كذلك فإن الذين كانوا ينامون وقتا قليلا جدا يتراوح بين 3 إلى 5 ساعات، لديهم أيضا خطر متزايد للإصابة بالسكتة الدماغية، كما أن النوم أقل من خمس ساعات يزيد من خطر الإصابة بنزيف المخ بنسبة تصل إلى 11 بالمئة.

وعرفت الدراسة التي شملت بيانات 204 آلاف شخص في فئات عمرية مختلفة اضطرابات النوم، بأنها عدم القدرة على النوم بشكل طبيعي ومنتظم ولأوقات طويلة تتراوح بين 6 – 8 ساعات يوميا، ومنها الأرق والإفراط في النوم والفزع الليلي.

ويشير العلماء إلى أن قلة النوم وُجد أنها مرتبطة بحالات ارتباك بالتمثيل الغذائي للجسم، والتي تزيد أيضا من مستويات هرمون التوتر والكورتيزون، وكلا الأمرين يمكنان أن يقودا لارتفاع ضغط الدم وزيادة احتمال الإصابة بالسكتة الدماغية.

وقد كشفت دراسة أخرى أعدتها كلية الطب بجامعة كامبريدج في بريطانيا، أن قلة النوم قد تؤدي إلى تلف دماغي وضمور خلايا المخ، وهو ما يؤدي إلى الإصابة بمرض فقدان الذاكرة، أو ما يُعرف بـ”الزهايمر”، كما أن محاولة تعويض ذلك بساعات نوم إضافية في العطلات الأسبوعية لا يخفّف من تلك الآثار ، حيث يقول د. بول شو، أستاذ المخ والأعصاب بجامعة كامبريدج، في أبحاثه إن الفكرة السائدة عن تعويض ساعات النوم، بالنوم لفترات طويلة لاحقة غير صحيحة، ولا تعطي أي آثار إيجابية، مشيرا إلى أن الحرمان من النوم يستنزف قوة الدماغ وخلايا الذاكرة على المدى الطويل، حتى وإذا تم تعويض ذلك بأيام من النوم والراحة، وهو ما يرجع إلى حاجة خلايا الدماغ إلى النوم بشكل منتظم، موضحا أن سبب التغيرات في خلايا المخ يعود إلى ارتفاع مستوى المواد المؤكسدة في الخلايا، والتي تنشط مع قلة النوم أو النوم بشكل غير كاف مما يسبب عطبها، حيث تزداد مستويات جين “BMAL1” المسؤول عن زيادة مستوى وفعالية الآليات المضادة للأكسدة خلال النوم.

وأظهرت الأبحاث أن الإنسان يفقد 25 بالمئة من خلايا الدماغ العصبية بعد تعريضها لفترات طويلة من النوم غير منتظمة، ويرجع السبب في ذلك إلى إنتاج الخلايا العصبية لبروتين “سيرتون 3″، بكميات أكبر لحماية الدماغ والمحافظة على النشاط، ولكن عند عدم النوم لفترات طويلة تصاب هذه الخلايا بالخمول، وبعد أيام تموت الخلايا بوتيرة متسارعة.

ويوضح هنا د. عادل حسنين، أستاذ المخ والأعصاب بجامعة القاهرة، أن عدد ساعات النوم الكافية للإنسان سبع ساعات، ولا تزيد عن ثماني ساعات، لافتا إلى أن حصول الشخص على عدد الساعات الكافية من النوم يوميا يقيه مضاعفات التأثيرات السلبية لطول وقصر مدة النوم على الدماغ وخلايا المخ.

وتابع: للنوم تأثير كبير على الدماغ، وبالتحديد على تكوّن الأنسجة والخلايا العصبية، وبدونه تصبح النورونات والخلايا العصبية غير قادرة على العمل بكفاءة، بل ربما يؤدي ذلك إلى مشاكل خطيرة على الدماغ، موضحا أن النوم يساعد الدماغ على استيعاب المعلومات الجديدة ويحفز الذاكرة على الرسوخ، كون أن المكان المخصص لتخزين الذاكرة في المخ “الهيبوكاموس” يصبح أكثر نشاطا خلال النوم، حيث تنقل المعلومات من الذاكرة المؤقتة إلى الذاكرة طويلة المدى، مؤكدا على أهمية “القيلولة” في وسط النهار، لأنها تحفز عمل الذاكرة البيانية وتجعلها أكثر سهولة للتذكر.

ويضيف حسنين: فقدان ساعات النوم له تأثير سلبي على المدى الطويل، ويؤدي إلى الإصابة بفقدان الذاكرة التدريجي “الزهايمر”، لافتا إلى أن اضطرابات النوم تزيد من التوتر ومستويات هرمون الكورتيزون وارتفاع ضغط الدم، وهو ما يؤدي إلى احتمال الإصابة بالسكتة الدماغية.

من جانبه، يشير د. محمد شريف، استشاري الطب النفسي، إلى أن ضغوط الحياة والمشاكل اليومية تجعل الشخص مشغول البال بشكل شبه دائم حتى في أثناء نومه، وهو ما يؤدي بدوره إلى اضطرابات النوم سواء قصر المدة أو طولها، لافتا إلى أن اضطرابات النوم تكون طبيعية إذا كان هناك مسببا حقيقيا لها كوجود مشكلة أو التفكير بأمر ما، أما عندما يلازم الأمر الشخص بشكل دائم ويصبح غير قادر على النوم والراحة، يتحول الأمر إلى مرض يحتاج لعلاج حتى لا يتفاقم وتحدث مضاعفات، كون أن عدم النوم يسبب أضرارا كبيرة على الدماغ والصحة النفسية والبدنية للإنسان.

وينصح شريف للتغلب على اضطرابات النوم والحصول على الراحة، بالتخلص من مصادر الضجة، وتفريغ الدماغ من الضغوط، مما يساعد على الاسترخاء والراحة الذهنية، كذلك ممارسة الرياضة، حيث أثبتت الدراسات والأبحاث أن ممارسة النشاط الجسدي بشكل منتظم تساعد على تحقيق نوم هادئ ومنتظم، لافتا إلى تجنب ممارسة النشاط البدني في أوقات ما قبل النوم، هذا بجانب عدم التدخين أو تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين قبل الذهاب إلى النوم، كما أن هناك طرق استرخاء جيدة تسجل نسبة نجاح عالية، ويمكن لكل شخص اختيار الأسلوب المناسب من بينها، وهو ما يساعد على الصفاء الذهني والراحة النفسية والتخفيف من التوتر والقلق، ومن ثم النوم الصحي ولمدة طبيعية ومناسبة.

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق