مع اقتراب فترة الامتحانات يستعد كل بيت لاستقبال تلك الفترة بتهيئة المنزل، والتقليل من تشغيل التلفزيون، وإبعاد أبنائهم عن الكمبيوتر والمحمول، وغيره من الأجهزة التكنولوجية التي من شأنها أن تكون مصدرا لابتعاده عن دروسه واستذكاره، وعلى الرغم من حرص كل أسرة على توفير الوقت والجو الملائم لاستذكار أبنائها، إلا أن الطالب يجد مشكلة كبيرة لعل الكثير منا مر بها خاصة في تلك الفترة مع اقتراب الامتحانات، وهي مشكلة النسيان.
يعتبر النسيان من أكبر المشاكل التي تواجه الطلاب أثناء استذكار دروسهم، فعلى الرغم من تأكد الطالب من حفظه وفهمه للدرس بشكل جيد، إلا أن هناك الكثير من الأشخاص الذين يصابون بحالة من النسيان، خاصة عندما تكون ورقة الامتحان أمامهم، وينتج ذلك من حالة التوتر الشديدة التي يكون عليها الطالب، خاصة إذا كان في مرحلة مصيرية كالثانوية العامة، وسيتحدد من خلالها الكلية التي سيلتحق بها، هنا يكون الوضع أكثر صعوبة.
وقد أثبتت الكثير من الدراسات التي أجراها الباحثون، أنه مجرد رسم الكلمات على هيئة صورة تساعدك في تذكر المعلومة مرتين أكثر مقارنة بكتابتها بالطريقة المعتادة، مشيرين إلى أن تقنية الرسم تترك أثرا في الذاكرة أكثر لجمعها بين التفاصيل البصرية والحركية والمعلومات في نفس ذات الوقت، لذلك توصل الباحثون إلى أهمية رسم الكلمات في صورة أشكال أو رسم الحروف نفسها، وإضافة مؤثرات لها في تقوية الذاكرة، والاحتفاظ بالمعلومة فترة أطول، والتقليل من خطر النسيان الذي يهدد أغلب الطلاب.
وتقول شيماء إسماعيل خبيرة التنمية البشرية: توجد هناك أربع خطوات أساسية يجب أن يحرص عليها الطالب أثناء المذاكرة، حتى يزيد من قوة ذاكرته خاصة أثناء فترة الاستعداد للامتحانات، مشيرة إلى أنه على الطالب أن ينسى تماما أنه سريع النسيان، وأن يضع هذا الأمر في اعتباره، وأن يزيد من مقدار ثقته بنفسه من خلال إصراره وتفتيح ذهنه، وأن يكون مصرا على عدم النسيان مرة أخرى.
وتشير إسماعيل إلى أنه على الطالب ألا يلوم نفسه إذا تعرض للنسيان بطريقة سريعة، لأن فهم أي موضوع هو شيء أساسي لكي يتذكره ولا ينساه، لذلك يجب ألا ينصرف سريعا بمجرد قراءته للموضوع إلى موضوع آخر قبل أن يلم بالأول إلماما شاملا، حتى لا يكون عرضة للنسيان، لذلك يجب أن يحاول أكثر من مرة سواء عن طريق الاستعانة بكتب أخرى، أو برسوم توضيحية، أو بسؤال الأصدقاء، أو بسؤال المدرسين، دون الشعور بأي نوع من أنواع الخجل حتى تثبت المعلومة في ذهنه ولا ينساها.
وتنصح إسماعيل ،أن يقوم الطالب بعد انتهائه من قراءة جزء من أجزاء المادة، أن يقوم بتدوين بعض النقاط الأساسية التي يعرضها هذا الجزء سواء في ورقة خارجية، أو في هامش الكتاب، وأن يراعي في ذلك أن تكون المعلومات التي يتم تلخيصها مستمدة من عبارته وطريقته الخاصة حتى يستعيدها بسهولة بعد ذلك، كذلك على الطالب ألا يعتقد أن عقله كالإسفنج يمكنه الاحتفاظ بالمعلومات لفترات طويلة دون مراجعة، فلابد أن يحرص على المراجعة بشكل دوري ومستمر حتى لا ينساها، حتى وإن لم يجد نفسه متذكرا ما قرأه، إلا أنه بعدما يهدأ سيتذكر كل شيء، وكلما تعددت مرات المراجعة كانت حصيلته أفضل، لذلك يجب أن يتخذ أسلوب المراجعة جزءا من طريقته في المذاكرة على فترات متتالية حتى لا ينساها.
من ناحيته، ينصح د. مجدي بدران، عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، وزميل معهد الطفولة بجامعة عين شمس، بتناول خمس وجبات غذائية على مدار اليوم تكون متكاملة صحيا، لأن القلق والتوتر أثناء الامتحانات من شأنهما أن يقللا العصارات الهاضمة، ومن أهم تلك الوجبات التي ينصح بتناولها هي وجبة الإفطار، لما لها من تأثير كبير على صحة الفرد ونشاطه، ولأنها تمد الجسم بالطاقة المطلوبة، ولابد أن تحتوي على خبز وفول وجبن وفاكهة، كذلك لابد من الإكثار من شرب الماء، لأن فقدان السوائل في الجسم تؤدي إلى الشعور بالتعب بسبب بطء الدورة الدموية، فالمخ يحتاج إلى 80% من الماء.
ويضيف: “على الطالب أن يبتعد عن تناول الكافيين لأنه يقلل من كفاءة المخ، لذا يجب الابتعاد عن الشاي أو القهوة والمشروبات الغازية على وجه التحديد”. كما يجب البعد عن المضادات الحيوية وتناولها بعد الأكل مباشرة، لأن من شأنها أن تؤدي إلى امتصاص الحديد”.
كما يحذر من تناول الوجبات السريعة التي يكثر منها الطلاب خاصة في فترة ما قبل الامتحانات، لأنها تزيد من الرغبة في النوم والاسترخاء والشعور بالكسل، حيث تحل الدهون الضارة محل الدهون الصحية وتقلل من المهارات الذهنية. كما يؤكد أن انخفاض مستوى الهيموجلوبين يؤدي إلى انخفاض القدرة على التفكير ومستوى الذكاء، لأنه يلعب دورا حيويا في نقل الأكسجين إلى أنسجة الجسم.
وينصح كذلك بتناول بعض الأطعمة التي تساعد على تقوية الذاكرة والتقليل من النسيان، والتي يأتي في مقدمتها الزنك، الذي يعتبر هاما للذكاء والذاكرة والمناعة، ويحسن الأداء الدراسي، وتتمثل مصادره في الطيور المنزلية، البقول، كالفاصوليا والفول والعدس والبازلاء. كذلك تناول الأسماك والحبوب والمكسرات، لأنها تحتوي على السيلينيوم الذي يؤدي إلى تقوية الذاكرة، كذلك العسل الأسود ومنتجات الألبان التي تساعد على كفاءة الأعصاب، كذلك تناول المواد التي تعمل على تهدئة الأعصاب كاللحوم واللبن والبيض والفاكهة. كما يؤكد على تناول عصير القصب لأنه يعالج الاكتئاب، ويسبب الراحة النفسية والاسترخاء والسعادة، كما أنه سهل الهضم وسريع الامتصاص.
ويشير بدران إلى ضرورة ممارسة الرياضة خاصة في الفترة التي تسبق الامتحانات بوقت قريب، حيث تشير الدراسات إلى ضرورة ممارسة الرياضة بين مذاكرة المادة والأخرى لأنها تنشط العضلات، وتجعل المخ أكثر استيعابا. كما ينبغي عدم تغيير ساعات النوم والحفاظ عليها، والنوم مبكرا والاستيقاظ مبكرا، للحفاظ على الساعة البيولوجية للجسم التي تتحكم في نشاطه وإفراز هرموناته، مما يجعل الطالب أكثر يقظة ونشاطا، لأن عدم النوم بشكل طبيعي يؤدي إلى إرهاق الفرد بشكل كبير وعدم قدرته على الاستيعاب.
