مقالات الرأي

خولة بلفقيه: مرافعة

خولة بلفقيه 
تلميذة و مدونة مغربية

 

بدأت الجلسة …

دخل المتهم منتصب القامة، مرفوع الهامة، واثق الخطى …

حتى وصل أمام القاضي و قال : أنا السجين ستة، صفر، واحد ، اثنان، أنزل بالزنزانة واحد، ثلاثة، ثلاثة …

تهمتي : طالب في كلية العلوم …

حكم علي بسنة نافذة في فجر جمعة مظلم …

قررتم أن تمنحوني حق الاستئناف …

فعزمت أن أدافع عن نفسي بنفسي …

عزمت أن أرافع في قضيتي بنفسي …

سيدي القاضي …

في اعتقادكم جئتكم أتكلم عن ثلاثاء أسود …

ورشق بالحجارة …

وتدخل أمني …

و اتهامات ظالمة …

لا أبدا … فلست أنا من يهتم لسنة بعد أن اعتقلت أحلام سنين …

كما لا يخفى عليكم، سيدي القاضي : شهادة الباكالوريا تعادل تذكرة سفر …

إلى أحلامك …

أو إلى بؤس واقعك …

و قد شاءت الأقدار أن تتلقفني مدرجات كلية العلوم رغم تفوقي …

إن مسار طالب كلية العلوم أو ما يسمى مؤسسات الاستقطاب المفتوح …

مسار مفتوح على المجهول …

يفضي إلى متاهات ….

متاهتي الأولى سيدي القاضي …

بعدما تحطم حلمي في أن أكون طبيبا أو مهندسا أو طيارا …

فهذا ما برمجت عليه منذ نعومة أظافري …

كانت مع ” المنحة ” ….

محنتي معها سببها امتلاك أبي لبيت مهترئ آيل للسقوط ورثه عن والده …

و هذا وحده كان كافيا للإقصاء …

ثم أستجمع قواي لأتيه من جديد في البحث عن سكن …

في غياب سكن جامعي …

وأمام عجز وزارة عن صرف عشر ميزانيتها ….

أما متاهتي الثانية فكانت مع لغة التدريس …

عفوا حماة الدستور ..

أصحيح أن لغتنا الرسمية هي العربية و الأمازيغية … ؟

عفوا حماة الحداثة و الانفتاح …

أ لازالت اللغة الفرنسية هي لغة العلوم … ؟

سيدي القاضي : قد لا يخلو موسم جامعي من مواجهات بين الفصائل الطلابية ….

فلم يعلمنا أحد علم تدبير الخلاف ..

بل تفتق ذهنهم عن عسكرة الجامعة و تطويق فضاء العلم بالأمن …

فكانت هذه متاهتي الثالثة …

لتتلقفني سيدي متاهة الشواهد وتكوين يؤدي بك إلى أحضان البطالة …

فما تفتئ تسمع عفوا بني تكوينك لا يستجيب لمتطلبات سوق الشغل …

و من متاهة الإجازة …

إلى متاهة المستر …

إلى متاهة الدكتوراه …

سيدي القاضي : قضيتي ما هي إلا نموذج من نماذج كثيرة تفضح تلك الإخفاقات السياسية …

و ما سردت يظل غيض من فيض ….

سيدي : أنا لم أرشق بحجارة الغضب رجل الأمن فقهري من قهره…

وقهره من قهري …

أنا رشقت سياسة الآذان الصماء …

رشقت القرارات الانفرادية…

رشقت قرار الإجهاز على ما تبقى من أحلامي …….

الوسوم

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق