مقالات الرأي
خولة بلفقيه: أطياف مهملة
خولة بلفقيه
مدونة مغربية شابة
بذل لا لون لها … ملامح باردة … وجوه فقدت ضوء العيون … تجوب الشوارع هكذا ، دون وجهة محددة … ينساب بينها كالزئبق وجه صغير شاحب … تتوسطه عينين تائهتين غائرتين في محجريهما … تعبا و أرقا … تظلله ابتسامة باهتة تستجدي الفرح … يرتدي سروالا بالكاد يصل إلى ركبتيه … وقميصا أسود بلون الحزن مهترئ الأكمام و الأطراف، يبدو أنه جاب أجساما كثيرة قبل أن يصل إليه … يحمل بين يديه صندوقا كرتونيا، تملأه بعض الحلوى وبعص المناديل … أضاء اللون الأحمر فتوقفت السيارات تباعا … تتوسطهم سيارة سوداء فاخرة … يطل من نافذتها جسم صغير يرتدي الأبيض براءة و نقاءا …. تقدم الأسود متردد الخطى .. بقدمين حافيتين لا يختلف لونهما عن لون التراب … متجها نحو اللون الأبيض … حاملا بين أنامله الصغيرة قطعة حلوى يستجدي بها ابتسامته … يبتسم الأبيض .. ليتفاجأ اللونين بصوت خشن قاسي .. : ” أبعد يديك المتسختين عن السيارة. ” أغلقت النافذة لتقف أمام الأحلام البريئة … فزفر الأسود زفرة كادت تسقط لها أضلاعه الصغيرة … وذهب يجر خيبته مثقلا بالوحشة محطم الخطى … حتى جلس على طرف الرصيف حزينا متألما يرمق السيارات عن يمينه وشماله بنظرة آملة .. ينتظر سيارة أخرى تختلف عن الأخيرة في سوادها …