مقالات الرأي
إلياس الميموني: دنيا الوجع 1
إلياس الميموني
طالب باحث
وقع بصره صدفة على حسابها الشخصي في إحدى استكشافاته الكثيرة على فايسبوك، فبعث إليها بطلب الصداقة مفتتنا بنور يشع من وجهها الطفولي، كما بدا له من صورتها.
كان ديدنه أن يترصد الفتيات الجميلات، لا يفتر عزمه، وطلب الصداقة طعمه، منهن من التقمت طعمه بسرعة البرق، ومنهن من تفادته فتركته على نيران الجمر ينتظر بشوق.
أغلق حسابه على فايسبوك ليفلت من شبح الانتظار الذي صار يطارده، منذ أن أرسل طلب الصداقة إلى فاتنته الجديدة.
كان عقرب الساعة الكبير قد قطع ست دورات كاملة، دون أن تجيب على طلبه، فاستشعر لسعات نفثت في داخله سم الشك، فارتأى أن يترك العالم الأزرق وقتا طويلا حتى لا يرديه الشك قتيلا.
لم يصبر على فراق عالمه الأزرق، أكثر من نصف ساعة، فعاد إليه متلهفا، برقت عيناه على رؤية دائرة حمراء صغيرة، يتوسطها الرقم واحد، تعلو كرة أرضية أكبر منها في الحجم بقليل.
خمن أن فاتنته الجديدة قبلت طلبه فعرج به الفرح إلى السماء السابعة، وسرعان ما عاد به الفضول ليستخبر الأمر وضربات قلبه متسارعة.
وضع الفأرة على موضع الكرة الأرضية وضغط على زرها الأيسر، فألفى خبر قبول فاتنته طلب صداقته، فاحتسى ريقه جرعة واحدة، وحرك قبضة يده المعقودة بقوة معبرا عن فرحة زائدة.
دخل حينها في عزلة عن أصدقائه، بل إنه زهد في الحديث إلى صديقاته فتركهم كلا يغني على ليلاه، ليغني هو على دنياه، فقد كان اسم فاتنته الجديدة دنيا.
وجه بوصلته قبل حائط دنياه، وفي قلبه أمنية أن يكون حائط فرحه لا مبكاه، فقصد إلى معلوماتها الشخصية مستكشفا مستواها الدراسي، وتاريخ ميلادها، ومدينة إقامتها، وحالتها العاطفية، ثم توقف عند صورتها الشخصية يستزيد النظر إليها.
كانت طالبة جامعية تدرس بإحدى الجامعات في العاصمة الرباط، وقد أطفأت شمعتها العشرين قبل أيام، وكان لا يربطها بأحد رباط غرام.
حاجباها مثل هلال يتقوسان، وعيناها محارتان وسطهما لؤلؤان في البن يغرقان، وأنفها رقيق كأنف الغزلان، وبلون خديها يتلون الرمان، وفي شفتيها يتفتح زهر الأقحوان… يتبع