سياسة

أحمد الريسوني يكتب:تكييف المغرب عبر الكيف وكيف كيف

في غضون الأسابيع الماضية قام أحد الأحزاب المبرزة بالمغرب بجهد جهيد للترويج الدولي والوطني لمخدر “الكيف”، سعيا لشرعنته ولتكييف المجتمع المغربي والتشريع المغربي معه. فهذا هو الجانب الأول لحركة تكييف المغرب.

جانب آخر من الجهود الجارية لتكييف المغرب يتمثل في جهود الطائفة التي سمت نفسها “كيف كيف”، وهي الجهود الرامية لترسيم الشذوذ الجنسي والثقافي وتكييف المزاج المغربي والقانون المغربي معه.

هل الحملة الرامية إلى شرعنة مخدر “الكيف”، هي مجرد تملق لأهل الريف، ومجرد بيع للأوهام مقابل كسب أصواتهم الانتخابية؟

إذا صح فهذا فسيكون أهونَ الشرور، وسيخف الأمر بعد الانتخابات، ليعاود الظهور — ربما — قبيل انتخابات أخرى. وأرجو أن يكون الأمر على هذا النحو.

لكن ماذا لو كان الأمر جديا؟ خاصة وأنه آتٍ من حزب يوصف أحيانا بكونه الحزب الأول بالمغرب، ويوصف أحيانا بكونه حزب الدولة العميقة، وترشحه بعض التوقعات أحيانا لقيادة البرلمان والحكومة القادمين؟ ثم إن زعماء هذا الحزب، وبعض السياسيين من أحزاب أخرى، أصبحوا من مدة يتنافسون في مغازلة الكيف وأهل الريف، والتلويح لهم بورقة الكيف القانوني…

أفليس كل هذا يفرض علينا أن نتوقع الأسوأ؟

والأسوأ لن يقف عند إصدار قانون يعيد تعريف “الكيف” ويكيف أحكامه لجعله نبتة محلية معترفا بها زراعة وتجارة وصناعة واستعمالا وتصديرا، بل سيصبح الكيف منتوجا وطنيا بامتياز؛ ذلك أن الدستور لا يسمح بالتفريق بين المواطنين وجهات الوطن. ولذلك سنرى زراعة الكيف تسري إلى كافة ربوع الوطن، في راحة وطمأنينة بال. وتوابع ذلك وآثاره معروفة واضحة للخاص والعام…

فهذا هو الجانب الأول من جهود “تكييف المغرب”،

أما الجانب الثاني من التكييف، فهو السعي الحثيث إلى شرعنة نظرية “كيف كيف”، أي الاعتراف المجتمعي والقانوني بالعلاقات الجنسية المثلية، أي حقوق اللواطيين — وقيل اللواطيات أيضا — في الممارسات العلنية السافرة لشذوذهم الجنسي.

هذه الممارسة الجنسية المنحرفة عادة قديمة قدم التاريخ، وشأنها كشأن كثير من العادات التي يسقط فيها بعض الناس لأسباب ومزالق متعددة؛ كالخمر، والحشيش، وشرب الدخان. وقد تصل هذه العادات والاعتيادُ عليها إلى حد الإدمان الذي يعسر معه الفكاك. ومثلها عادات قد تكون في غاية الغرابة والبشاعة، مثل أكل الطين وشمّ الروائح المنتنة ومص الأصابع…

ولكن هذه العادات الشاذة المنحرفة تظل في العرف العام وفي الذوق السليم مجرد فلتات مَرَضية يُطلب علاجها، أو يُـتعايش معها في انتظار “الله يعفو من البلية”.

لكن الجديد اليوم هو أن بعض هذه الانحرافات — وخاصة “الكيف”، و“كيف كيف”، والزنى، والخيانة الزوجية — يراد لها أن تصبح سلوكا حداثيا وشعارا حضاريا، له مكانته وحرمته في الحياة الجديدة، وعلى هذا الأساس يراد فرضها على المجتمع المغربي، طوعا أو كرها.

ولأجل فرضها وانتزاع الاعتراف والقبول بها، يجري تدويلها وتهويلها…

التدويل رأيناه واضحا — على سبيل المثال — في نموذج المؤتمر الدولي حول الكيف، الذي احتضنته مدينة طنجة مؤخرا. كما نراه مرارا في حالات بعض اللواطيين أو اللواطيات أو المتعريات على الملأ، حين نرى قضية فرد أو فردين تفرض على الإعلام، ومن خلاله على المجتمع. وتتدخل فيها وسائل إعلام ومنظمات أوروبية…

وأما التهويل، فيتم من خلال الإيحاء بأن الكيف سيشكل موردا اقتصاديا وتنمويا لا يقل أهمية ومردودية عن النفط والغاز والفوسفاط…

وأما قضية الشذوذ الجنسي، فلتضخيمها وتهويل أمرها، أصبحت تسمى عند تجارها بقضية “حقوق الأقليات الجنسية”!!، وأصبحوا يدفعون في اتجاه ممارستها وترويجها بطقوس إشهارية واستفزازية، كحفلات زواج الشواذ، وحفلات الجنس الجماعي، المصحوبة عادةً بالسكر والصخب ولفت الانتباه، وكمكيجة بعض الشواذ الذكور، وإخراجهم على هذه الحالة إلى الفضاء العمومي للاصطدام بالجمهور، مع ما يتبع ذلك من ضجيج إعلامي وضغط على الأجهزة الأمنية والقضائية لتعطيل القانون…

ما يجب أن نعيه هو أن بعض الانحرافات والعادات السيئة الاعتيادية، التي لا يخلو منها ومن أمثالها مجتمع، تُـتخذ اليوم معول هدم ووسيلة ضغط داخلي وخارجي، ضد بنية المجتمع وقيمه الدينية والأخلاقية الراسخة.

فالمشكلة الكبرى اليوم ليست في الشذوذ الجنسي الاعتيادي، أو في زراعة الكيف واستعماله وتهريبه، بل هي في الترويج الإديولوجي الإباحي، وفي سماسرته الكبار، وما يريدون الوصول إليه من تكييف للمجتمع وتطبيعه مع الانحرافات والمنكراتن مع الاستسلام أمام معاول الهدم.

 

الوسوم

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق