مقالات الرأي

نوفل الناصري: حرُوب بالوَكَالة…

بعد فشل جل المحاولات المباشرة والمتكررة لإجهاض المسار الديمقراطي الذي يعرفه المغرب، والهادفة أساسا لمعارضة وعرقلة الإصلاحات الهيكلية الكبرى التي باشرتها هذه الحكومة منذ توليها، وعزل حزب العدالة والتنمية وكسر شوكة أمينه العام الأستاذ عبد الإله بنكيران.

وبعد ظهور الثمار الأولى لبرنامج عمل هذه الحكومة وتحقيق إنجازات نوعية وتاريخية في غالبية المستويات والقطاعات، يليه فوز وتصدر حزب العدالة والتنمية لانتخابات 4 شتنبر 2015 وتجديد ثقة الشعب له كما تم ذلك في انتخابات 2011 كقناعة وإجماع شعبي على نجاح التدبير الحكومي بعد أربع سنوات من العمل، وكتوكيل لمواصلة مسلسل الإصلاح ومحاربة الفساد والاستبداد، وكإرادة لتنزيل ونقل هذه الإنجازات والتجربة الحكومية إلى المجالس الجماعية والجهوية.

وأخذا بعين الاعتبار تداعيات هذه الانتخابات والتي مازلنا نعيشها لحد الساعة، وما ترتب عنها من زَلزَلَة للمشهد السياسي المغربي وتبعثر أوراق أحزاب المعارضة، بالإضافة إلى التوقعات المستقبلية لغالبية المحللين والمتتبعين السياسيين ومكاتب الدراسات الإستراتيجية والتي تؤكد تصدر حزب العدالة والتنمية لانتخابات 2016، كل هذه الوقائع والمعطيات سالفة الذكر أحدثت حالة من “السعار السياسي” لدى جبهة الفساد والتحكم أفقدتها البوصلة ودفعتها إلى تغيير خطتها من المعارضة إلى التجييش المباشر والمتواصل ضد المؤسسات، وإشعال الشارع باستغلال بعض المشاكل والقضايا الوطنية وإخراجها عن سياقها العام، وتمويل بعض الفصائل الطلابية التي تتبنى العنف، واستغلال بعض المنابر وبعض الأقلام إعلامية وقناة عمومية (تغطية إضراب 24 فبراير نموذجا) لزعزعة عقيدة المغاربة ولمحاربة ثوابت الأمة التي اختارتها بلادنا منذ أزيد من 12 قرن، وابتزاز للدولة باللعب بورقة الوحدة الترابية.

كان من تداعيات هذا التجييش المتواصل، التصرفات التي قام بها الطلبة القاعديون والأساتذة المتدربون وبعض المعطلين، في خرق سافر لأدبيات وأخلاقيات الاحترام، ودَوْس تام على كل أعراف الحوار المسؤول، والتي تمثلت في محاولات هؤلاء الاعتداء ومنع السيد عبد الإله بنكيران من الكلام ونسف تدخلاته ورفع علامة “قرني الشيطان” التي يعرف بها عبدة الشيطان، ورفع لافتات أخرى مخلة بالآداب في الندوة التي نظمتها المدرسة العليا للتسيير HEM تحت عنوان: “رسالة مفتوحة للشباب المغربي” بمركز الدراسات والبحوث الاجتماعية والإنسانية بوجدة يوم السبت 05 مارس 2016. هذا الاستهداف المباشر والخطير لثاني أهم مؤسسة وطنية بعد المؤسسة الملكية انحراف خطير وتحريض مباشر على العنف المادي ضد رموز الدولة، يتحمل تبيعته الحزب المعلوم المُتبني والداعم لهؤلاء.

وبإجماع غالبية السياسيين والمتتبعين والأكاديميين ومختلف المنابر الإعلامية الوطنية، والدين أدانوا ورفضوا محاولات الاعتداء هاته، خرج الأستاذ عبد الإله بنكيران من واقعة وجدة رابحا ومرفوع الرأس في مشهد قل ما نراه حتى في الدول المتقدمة، حيث واجه هؤلاء المعتدين بمسؤولية وثقة وخصال الرجال الكبار وحس الأبوة، وحاورهم بالحجة والدليل وألزمهم باحترام الاتفاق الذي عقده معهم بأن اقتسم وقت ندوته معهم. والأكيد أن هؤلاء خسروا تعاطف جزء مهم ممن كانوا يدافعون عن قضيتهم جراء هذا الاعتداء الصارخ على رئيس الحكومة.

سبق هذه الواقعة، أحداث خطيرة يمكن اعتبارها من أهم البوادر والتجليات الواضحة لخلق الفتنة والطائفية، حيث تم الاعتداء بالضرب على مجموعة من مستشاري الجماعيين المنتمين لحزب العدالة والتنمية في كل من مدينة سلا وبوزنيقة والدار البيضاء وفاس والقصر الكبير ولمهدية في سابقة تنذر باستعمال العنف لمواجهة وتهديد وتصفية الحسابات مع منتخبي هذا الحزب. كما أقدم أحد النشطاء الأمازيغيين على حرق صورة رئيس الحكومة في خطوة خطيرة وغير مقبولة واعتداء صارخ على رمز من رموز الدولة. إضافة إلى ما قامت مستشارة برلمانية داخل مجلس المستشارين، في محاولة فاشلة لاستفزاز ومنع رئيس الحكومة من الكلام وكسر هيبته، وعدم قدرة رئيس المجلس الذي اعترف أمام الرأي العام بعجزه التام على ضبط النقاش.

انتقلت هذه المواقف الخطيرة إلى المؤسسات، حيث عرف مجلس مدينة الرباط خلال جلساته الثلاث لدورة فبراير، عنف وبلطجة نفذها مستشارون عن حزب الأصالة والمعاصرة والذين أقدموا على تعنيف عمدة الرباط وكاتب المجلس المنتميان لحزب العدالة والتنمية، بالإضافة إلى تحطيم كراسي ومنصة قاعة الدورة والرمي بالأوراق وسرقة بعض معدات القاعة، أمام مرأى ومسمع من السلطة والحاضرين والمتتبعين.

لقد انتقل الغلو في مواقف جبهة التحكم والفساد التي ترفض تداول السلطة ونتائج العملية الانتخابية، وإرادة الشعب، من معارضة سياسية وحزبية للحكومة إلى معارضة وابتزاز للدولة –من حيث تدري أو لا تدري- واستهداف مباشر لمؤسساتها ورموزها، وفي محاولة يائسة لمعاقبة الشعب الذي لم يمنحها ثقته، والرجوع ببلادنا إلى زمن وأساليب التحكم الناعم بذريعة الحماية … وهذا يطرح أكثر من سؤال!!! …

سيتذكر المغاربة الأستاذ عبد الإله بنكيران ومواقفه التي أبان من خلالها عن خصال الرجال الكبار الذين يقدمون مصالح الوطن على المصالح الحزبية والمنافع الشخصية، والذي -بحسبه- “وهب عُمْرَهُ للشعب المغربي أُو مَغَاديش يتراجع“. كل هذا من أجل سيادة واستقرار المغرب وإصلاح ما يمكن إصلاحه، لمواصلة تطوير وتوطيد مكتسبات وتراكمات هذا الوطن تحت القيادة الرشيدة والرؤية الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق