سياسة

الكوابيس.. أحلام مفزعة تسبب مشاعر سلبية ورعبا

يستيقظ الإنسان فجأة مفزوعاً في حالة من عدم الإدراك بين النوم واليقظة، يصاحبه شعور قوي بالخوف والرعب من مجهول لا يدركه، حيث لا يعلم ماذا يحدث له ؟حتى يدرك أنه “كابوس″، ذلك الحلم المزعج الذي يراود الشخص في منامه بمواقف أو أحداث أو أشخاص مخيفة، والتي تتنوع مشاهده بين التعرض للقتل أو المطاردة أو مواجهة حيوانات مفترسة.

يحدث الكابوس غالباً في آخر النوم “النص الثاني من الليل”، ويدفع النائم إلى الاستيقاظ مفزوعاً، في حالة لا يكون معها قادراً على استرجاع الأحداث التي دارت في الحلم، والتي تختفي بعد استيقاظ المرء من نومه في الحالات الاعتيادية، لكن بعض الكوابيس يمكن أن تتكرر باستمرار لتبقى عالقة في الأذهان وترافق الشخص طيلة اليوم.

ومن أكثر ما يظهر في الكوابيس هي الهروب أو الملاحقة من قبل شخص ما، أو الشعور بعدم القدرة على الحركة أو التأخر أو الموت أو اختفاء شخص قريب، وهناك بعض العناصر التي يتكرر ظهورها بين حين وآخر في الكوابيس، لكن تسلسل ظهورها وعلاقتها بموضوع الكابوس يختلف من كابوس لآخر.

وعن كيفية حدوث الكوابيس، يقول د. بيتر غلانسمان، مدير مركز أبحاث النوم في المؤسسة المركزية للصحة النفسية بألمانيا: إن أثناء النهار يتركز تفكير الإنسان على أمور الحياة، وأثناء النوم يغيب عن الوعي، إلا أن جهاز الإدراك يستمر في العمل، ويعكس النظام العصبي خلال النوم ما يعيشه الإنسان أثناء اليقظة ليؤكد أن الانشغال بالحياة مستمر حتى أثناء النوم، موضحاً أن الأحلام تعبر عما يجول في اللاوعي، مشيراً إلى أنه لا يطلق تسمية “كوابيس” على الأحلام التي يستيقظ المرء بعدها مذعورا، وإنما تسمى علميا بـ “هلع النوم”.

تسبب الأحلام المفزعة مشاعر سلبية وقلقا كبيرا يجبر المرء في الغالب على الاستيقاظ مرعوبا من نومه، وغالبا ما يرافقها مشاعر الحزن والخوف، وفي بعض الأحيان التعرق والتوتر وارتفاع ضغط الدم، ولم يستطع المتخصصون تحديد سبب الحلم بالكوابيس وتقديم تفسير واضح لتلك الحالة.

وتوضح د. منال عمر، استشارية الطب النفسي، أن الكوابيس هي أحلام مزعجة تصنف بالاصطلاح النفسي بـ”الشلل النومي”، ويشعر فيها الإنسان بالضيق وعدم القدرة على الحركة، ويريد أن يستيقظ ولا يقدر على ذلك، أو يريد أن ينطق بالشهادتين ولا يقدر عليها، أو يريد أن يتحرك ليهرب عن بعض أعدائه ولا يستطيع فعل ذلك، وهو ما يجعل الشخص يستيقظ مفزوعاً ويصرخ في من حوله ولا يدرك ماذا يحدث له، لافتة إلى أن القلق والحزن والتعرض للضغوط، من أكثر الأسباب شيوعاً لتعرض المرء لأضغاث الأحلام والكوابيس المزعجة، بالإضافة إلى عوامل أخرى، منها آثار جانبية لبعض العقاقير، وتأثير تناول الكحوليات، واضطرابات النوم، وضيق التنفس أثناء النوم، والتفكير السلبي قبل الذهاب إلى السرير، كذلك تناول الوجبات الدسمة قبل النوم مباشرة، ووضعية النوم الخاطئة، كالنوم على الظهر، أو النوم على البطن، أو النوم على الجانب الأيسر.

في حين يشير د. حمدي ياسين، خبير الصحة النفسية، إلى أن الكثير يحلمون بكوابيس وأحداث مزعجة، ولا يسبب ذلك مشكلة إلا إذا سبب مشاكل نفسية للشخص، خاصة عندما تجعل هذه الكوابيس المرء خائفا طيلة يومه أو تجعله لا يرغب بالنوم خوفا من الحلم بالكوابيس، ومشاهدة تلك المشاهد والأحداث المرعبة مرة أخرى، موضحاً أنه يتم تشخيص حالة الإصابة بـ”الصدمة الناتجة عن الخوف” عند الأشخاص الذين تظهر لهم الكوابيس لأكثر من مرة أسبوعيا.

ويضيف ياسين: تفسير تلك الكوابيس والأحلام المزعجة يختلف بحسب طبيعة الحلم وما يظهر فيه، والذي يعكس إذا ما كان الشخص يعاني من ضغوط نفسية وحياتية، أو يخشى من شيء ما، أما أن هذا مجرد نتيجة للتعب والإجهاد، أو القلق والتوتر والاضطرابات النفسية.

ولتجنب الكوابيس والأحلام المفزعة، يوجه د. ياسر توفيق، أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر، بالابتعاد عن مشاهدة أفلام الرعب أو الأخبار في آخر الليل وقبل النوم، وتوفير مقومات نوم هادئ ومطمئن، كذلك يساعد الالتزام بإقامة العبادات والصلاة والحرص الكامل على الأذكار عند النوم على السكينة وراحة الدماغ، مشيراً إلى أن بوسع الإنسان تدريب نفسه على التعامل مع الكوابيس والحد من تأثيرها السلبي عليه والتقليل من أضرارها، وذلك من خلال كتابة تلك الكوابيس وقراءتها مباشرة عدة مرات، لأن الشخص الذي يحلم بنفس الكوابيس سوف يعتاد على سماع ومشاهدة هذه الكوابيس، ومن ثم يتلاشى تأثيرها السلبي عليه وتكون غير مؤثرة، وبذلك يفقد الكابوس تأثيره على الشخص في الحياة اليومية، وهناك أيضاً طريقة “اختبار تصور التخيلات”، والتي تتضمن كتابة الأشخاص لكوابيسهم ومن ثم قراءتها ومناقشتها شخصيا أو مع المقربين، والبحث عن نهاية سعيدة للحلم، وليس الهروب أو الاستيقاظ من النوم، إضافة إلى التفكير ذاتيا في حالة التعرض للخوف والتفكير بفعل شيء ما لمواجهة هذا الخوف.

وينصح توفيق من يعانون من الكوابيس المستمرة بتدوين تفاصيل هذه الكوابيس بدقة، إذ أن هذه الطريقة تبرمج المخ على التعامل مع الكوابيس المقبلة على أنها مجرد أحلام مزعجة فحسب فيضعف تأثيرها، ويمكن للإنسان التحكم بمسار الكوابيس التي تنتابه إذا تدرب داخلياً على التعامل معها ككوابيس وليست كحقائق.

الوسوم

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق