الضفة الأخرى

مفاوضات تشكيل ائتلاف حكومي في إسبانيا قد تمتد لأسابيع بعد فوز الاشتراكيين في الانتخابات

أ ف ب

تواجه إسبانيا أسابيع من المفاوضات من أجل تشكيل ائتلاف حكومي بعد أن فشل رئيس الوزراء الاشتراكي بيدرو سانشيز في الفوز بالغالبية، وذلك على الرغم من تحقيق حزبه نتائج جيدة في الانتخابات التي تسببت بانقسام بين أحزاب اليمين وأدخلت القوميين المتشددين إلى البرلمان.

وسيعود الأسبان مجددا إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات محلية وإقليمية وفي الانتخابات الأوروبية المقررة في 26 أيار/مايو، بعد أن فشلت الأحزاب اليمينية الثلاثة مجتمعة في تحقيق غالبية تسمح لها بتشكيل ائتلاف حاكم، وهو ما يسمح لسانشيز بالتروي في التوصّل لتشكيل ائتلاف وسط استبعاد تأليف الحكومة قبل نهاية يونيو.

وقالت رئيسة الحزب الاشتراكي كريستينا ناربونا للإذاعة الرسمية “علينا ان ننتظر لنرى ما سيحصل في الانتخابات البلدية… في عدة مناطق وطبعا في انتخابات المجلس الأوروبي”.

وتابعت “لا داعي للعجلة… لا زلنا في الحملة الانتخابية”.

وبدت الأسواق المالية قلقة إزاء احتمال دخول البلاد في فترة عدم استقرار مع تسجيل مؤشر البورصة الأسبانية أسوأ نتيجة بين المؤشرات الأوروبية.

– مراقبة أوروبية –

وحل الاشتراكيون في المركز الأول في الانتخابات المبكرة التي أجريت الأحد وفازوا بـ123 مقعدا من أصل 350 يتألف منها مجلس النواب، أي ما يقارب 29 بالمئة من الأصوات، علما أن هذه النتيجة تشكل تقدّما للحزب مقارنة مع الانتخابات الأخيرة في عام 2016 حين جمع الحزب 85 مقعدا فقط.

وقد سجّل خصمه الحزب الشعبي المحافظ الذي حل ثانيا بنيله 66 مقعدا بتراجع كبير عن نتائج انتخابات 2016 حين حصد 137 مقعدا، أسوأ نتيجة انتخابية له منذ عقدين.

وقد توزّعت أصوات المحافظين على الحزب الشعبي وحزبي سيودادانوس اليميني الوسطي وفوكس اليميني المتطرف الذي تخطى عتبة 10 بالمئة التي تخوّله دخول البرلمان في بلاد لم تشهد حزبا يمينيا متطرفا منذ وفاة الدكتاتور فرانشيسكو فرانكو في عام 1975.

وقد حصدت الأحزاب اليمينية مجتمعة 147 مقعدا علما أن الغالبية المطلوبة لتشكيل حكومة هي 176 مقعدا.

وقد جرت الانتخابات وسط مراقبة عن كثب في أوروبا حيث يثير صعود اليمن المتطرف و/أو الحركات الشعبوية مخاوف كبيرة.

واعتبر رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس عبر تويتر أن “هيمنة القوى التقدمية في إسبانيا وانهيار الحزب الشعبي اليميني هو رسالة أمل”.

وأضاف تسيبراس “دعونا لا نتسرّع في توقّع سيطرة اليمين في أوروبا”.

في المقابل كان موقف وزير الداخلية الإيطالي المتشدد ماتيو سالفيني مغايرا وقد نوّه بالتقدّم الذي حققه حزب فوكس الذي انتقل من “صفر إلى 24 مقعدا” وقد هنّأ زعيمه سانتياغو أباسكال على غرار ما فعلت زعيمة اليمين المتطرّف في فرنسا مارين لوبن.

– حكومة أقلية؟ –

وأمام سانشيز الذي لم يُنتخب سابقا، ووصل إلى السلطة في حزيران/يونيو بعد إطاحة رئيس الوزراء السابق ماريانو راخوي إثر حجب الثقة عنه، خيارات عدة لقيادة الحكومة.

وهو يمكن أن يحكم بمفرده على غرار ما فعل في الأشهر العشرة الأخيرة حين وصل بدعم حزب بوديموس اليساري المتطرّف وتشكيلات إقليمية أقل حجما.

والإثنين قالت نائبة رئيس الحكومة كارمن كالفو “سنحاول”.

ويمكن للاشتراكيين، بعد أن حصدوا في الانتخابات الأخيرة عددا أكبر من المقاعد، أن يتخلّوا عن دعم الانفصاليين الكاتالونيين لهم.

ولا يحتاج سانشيز إلا لامتناع النواب الانفصاليين الكاتالونيين عن التصويت في الدورة الثانية من جلسة التنصيب والتي لا يحتاج فيها إلا لغالبية مطلقة.

– “خطر على المصلحة العامة” –

ا ف ب / خافيير سوريانورئيس الوزراء الأسباني بدرو سانشيز يلقي كلمة أمام مناصريه في مدريد في 28 نيسان/أبريل 2019 

ويمكن لسانشيز أن يحاول تشكيل ائتلاف مع “بوديموس” والحزب الآخر الأكثر اعتدالا في صفوف الانفصاليين الكاتالونيين “إيه ار سي” ما من شأنه أن يوفر له الغالبية النيابية.

لكن ثبت في السابق أنه لا يمكن الاعتماد على دعم الأحزاب الانفصالية لا سيما حين اضطر سانشيز للدعوة لانتخابات مبكرة إثر اصطفاف داعميه الانفصاليين مع الحزب الشعبي وسيودادانوس ضد موازنة العام 2019.

وقد عرّضه اعتماده على الانفصاليين لاتّهامات من أحزاب اليمين بـ”الخيانة” لمحاولته التحاور مع المطالبين بالانفصال من أجل تخفيف التوتر على خلفية محاولة كاتالونيا الانفصال في عام 2017.

لكن يبدو أن الاتهامات لم تتمكّن من التأثير على نسبة المشاركة التي بلغت 76 بالمئة متخطّية بنحو عشر نقاط مئوية نسبة الإقبال في انتخابات عام 2016.

وكتبت الصحافية المخضرمة لوسيا مينديز في صحيفة “إل موندو” اليومية المحافظة أن “الإسبان أرادوا أن يصوتوا وقد فعلوا ذلك بزخم كبير”.

وأضافت “لم ينطل عليهم تصوير سانشيز على أنه خائن قادر على بيع إسبانيا للانفصاليين”.

– تحالف مع الليبراليين؟ –

يمكن لسانشيز أيضا أن يحاول التقرّب من حزب سيودادانوس اليميني الوسطي الذي فاز بـ57 مقعدا. ومن شأن ذلك ان يمنحه الغالبية المطلقة لكن الائتلاف سيثير على الأرجح امتعاض ناخبي الحزبين.

وأمام مقر حزبهم هتف المناصرون الاشتراكيون الأحد “لا (ائتلاف) مع (ألبرت) ريفيرا”، زعيم حزب سيودادانوس وذلك خلال إلقاء سانشيز خطاب الفوز.

ويبدو أن الشعور متبادل في صفوف حزب “سيودادانوس” الذي بنى زعيمه حملته الانتخابية على ضرب صورة شانشيز بانتقاد سعيه للتفاوض مع الانفصاليين الكاتالونيين.

وقالت إيناس أريماداس المسؤولة في حزب سيودادانوس للإذاعة الإسبانية إن حزبها لن يتحالف مع سانشيز، معتبرة أن الأخير يشكل خطرا على المصلحة العامة واصفة إياه بأنه “شخص قادر على القيام بأي شيء” للبقاء في السلطة.

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق