سياسة
إلياس العماري يخرج إلى العلن.. هل هي بداية نهاية “الأسطورة”؟
إلياس العمري، أو عراب حزب الأصالة والمعاصرة، ظهر اسمه أكثر بعد استقالة صديقه فؤاد عالي الهمة من حزب الأصالة والمعاصرة، والتحاقه بمستشاري الملك؛ لم يختلف دور العماري ذي النشأة اليسارية القاعدية بالريف ثم العاصمة عن دور صديقه فؤاد، كزعيم خفي لحزب أُنشئ ليكبح دور جميع الأحزاب خصوصا حزب العدالة والتنمية، محاولا استنساخ تجربة الحزب الوحيد ببلدان شمال إفريقيا، لكن احتجاجات الربيع العربي حالت دون ذلك، مطالبة باسقاط رموز هذه التجربة.
ارتبط اسم إلياس شعبيا بالمافيات وأباطرة ترويج المخدرات، واشتهر سياسيا بالشبح مروض الأحزاب ومفتعل الأزمات، كان اسمه حديث الاعلام كأحد موقظي فتنة مخيم “اكديم ازيك” بالصحراء المغربية، ثم شاءت الأقدار أن يكون بمصر ليلة قبل سقوطها في يد الانقلاب الدموي العسكري.
قرُب أن يكون الحديث عنه كالحديث عن أحد الأساطرة في التاريخ، لكن بعد انتخابات يونيو 2011، وسطوع نجم الاسلاميين من جديد، كخيار ديموقراطي نابع من إرادة شعبية صريحة في التغيير بشرط الاستقرار، خرج إلياس العمري تدريجيا إلى الواجهة، كان كلما قوي الحزب الحاكم بقيادة زعيمه عبد الإله بنكيران، زادت صعوبة العراب في إدارة افتعال الأزمات.
إلياس زعيم المعارضة
نتائج انتخابات صيف 2011، قادت حزب العدالة والتنمية للريادة، لكن مع الظفر برئاسة الحكومة، كان لزوما عليه البحث عن تحالف يقتضي منه تشكيل أغلبية مريحة العدد والاشتغال، شُكلت الحكومة الأولى، جمعت أحزاب العدالة والتنمية والاستقلال والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية.
كان دهاء حزب العدالة والتنمة واضحا في الكسب والتنازل للحصول على الوزارات وضمان التعاطف الشعبي، وكان باديا تغير خطوط تحرير جرائد إخبارية كبرى ضد حزب بنكيران وإنشاء جرائد أخرى، واسمها ارتبط من البداية بإلياس العمري، كحملة إعلامية لكسر ظهر المسؤول الثاني في الدولة.
فشل رهان العمري في استقطاب وسائل الإعلام لكسر شوكة الحكومة، سببه كان الجلسات الشهرية لرئيس الحكومة وقدراته التواصلية المذهلة التي تستهدف أيا كان، فدفعه ذلك بمواجهته عبر سياسيين وأحزاب لها قاعدة وتاريخ سياسي محترم.
توجه بدءا بالرهان على حزب الاتحاد الاشتراكي المتموقع داخل المعارضة، فتدخل لخلط أوراق مؤتمره العام، كان ادريس لشكر مرشحه لهذه المهمة القذرة، تدخل كفاية حتى فاحت رائحة تدخله عند مناضلي الحزب المتنافسين وعند ملفات وتحقيقات الصحف الوطنية، خالقة بذلك جلبة تخافتت عبر الزمن.
فشل لشكر فشلا ذريعا، وفشلت معه محاولات العماري المراهنة على حزب المعارضة الأول، كان قد حان وقتها المؤتمر الوطني لحزب الاستقلال الحليف الأول في الحكومة برئاسة عباس الفاسي، راهن العماري وحلفاؤه هذه المرة على عمدة فاس، المشتهر أبناؤه بملفات لدى المحاكم في الاتجار بالمخدرات والفساد.
وعد إلياس العمري شباط بعد تمهيد الطريق له على رأس حزب الاستقلال برئاسة الحكومة وإخراج بنكيران ذليلا، افتعل مشاكل، وخرج بتصاريح، صُنف بسرعة بخطاب “الجهل” و”البلطجة”، انشق حزب الاستقلال وتهشمت قاعدته، قرر شباط الخروج من التحالف الحكومي معرقلا بذلك عمل الحكومة، استقر الوضع بسرعة بعد أن ظل محمد الوفا كقيادي في حزب الاستقلال مع بنكيران ووجد رئيس الحكومة حزب الأحرار كبديل بسرعة وشُكلت الحكومة الثانية.
خرج شباط خاوي الوفاض من الحكومة، وظل كركوزة في يد سيده يُحركها كيف يشاء، إلى أن حددت الانتخابات الجماعية الأخيرة خارطة معالم أخرى للقوى.
لم يسلم الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة -في الورق- الباكوري من الإهانة، استقدموه كناجح في تسيير الشأن الاقتصادي ورائد في مجال الأعمال، لقيادة الحزب الوليد المتقدم في سرعة غريبة، والمسطرة أهدافه -الحزب الوحيد-، كل الخرجات الرسمية للحزب شكلت إهانة للباكوري، كيف لا وفي كل المؤتمرات الصحفية يجلس إلياس العمري متكلما والباكوري بجانبه منصتا.
ليلة ظهور نتائج الانتخابات الجماعية أول الشهر الماضي، كان العمري القائد العام لأحزاب المعارضة -والصورة التي صُورت كانت كفيلة بشرح ما كان يومها- يجتمع مع الأمناء العامين الثلاثة لأحزاب المعارضة، الباكوري ولشكر وشباط، وكان تحركه الحاسم في الرمي بمن انتهت مهمته ولم يعد وجوده ذا نفع، فوعدهم بترؤس الجهات والعمادات مستغلا “ثقتهم العمياء” المعتادة وانصرف ضامنا صمتهم حتى يُكمل خطته…
إلياس العماري يخرج إلى العلن.. هل هي بداية نهاية “الأسطورة”؟
لم ينتظر بنكيران الرجل المعروف بالدهاء، إعطاء فرصة للعماري، (فالعماري نفسه لم يستطع يوما مواجهة ابن كيران مواجهة مباشرة) فخرج الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بتصريحات تُموقع العماري في مكانه، وصفه بالإبليس والبانضي وستالين الجديد، وتحداه للخروج إلى العلن.
خرج الياس العماري الى المواجهة المباشرة مع أمين عام حزب العدالة والتنمية بعد تمكن من الظفر باجماع مؤتمري حزب الاصالة والمعاصرة اليوم الأحد بقيادة حزب الجرار بعد سنوات من اللعب وراء الستار، مما ينبؤ بانتخابات تشريعية حامية الوطيس في أكتوبر المقبل المقبل ، التي سيلعب من خلالها العماري اخر أوراقه المتبقية بعد فقدانه للكثير منها بعد الحراك المجتمعي الذي عرفه المغرب سنة 2011، وفوز حزب العدالة والتنمية برئاسة الحكومة.