سياسة

“دموع الحومة”.. صرخة مسلم في وجه التحولات القيمية التي تجتاح المغرب

محمد عليلو / خولة عليلو

“باش بغيتو نبدا”.. كلمة كانت أبلغ ما ابتدأ به فنان الراب الطنجاوي ملسلم أغنيته الجديدة “دموع الحومة”، وهي صرخة من هذا الشاب الذي يعانق واقع أقرانه ونظرتهم لقضاياهم في وطنهم ومدينتهم وأحيائهم.

الأغنية تمثل جزءا من توجه لدى الفنانين الجادين الذين يتحسرون على التحولات القيمية والأخلاقية التي يعرفها بلدنا، كأغنية المدينة القديمة لنعمان لحلو، انطلق مسلم في أغنيته كـ”رسام” لـ”لوحة الواقع”، التي تتأرجح بين مشاهد النشوة الزائفة التي يصنعها وهم الهروين وصورة الفتاة التي تمتهن الدعارة و تغادر البيت على مرآى ومسمع من أخيها الذي ينتظر عودتها لتعطيه نصيبه.

الفقر، الجهل، انعدام الرجولة والمروءة في الأخ والأب، الذي إمتهن لعبة “السوطا” على ناصية الشارع والمقهى، وحتى “البرهوش” ليس في منآى عن هذا العفن إذ تجده “مقنت” يستنشق “السيليسيون” .

كل هذه التحولات في “الحومة” مظاهر جديدة غير ما عهدته الحارات المغربية، المعروفة بالرجولة و الفتوة والشهامة والغيرة على بنات الجيران، و عيش الجميع كأسرة متلاحمة، يقتسمون خبزة واحدة على العشاء، كل شيء كان يمنح في الحومة الفرحة الحزن الألم و الخبز. كل هذا إنقرض وحل محاله الصراع والخصام و القتل والدعارة والمخدرات… هنا يتلاشى مفهوم الحومة ويصبح وعاء فارغا من معناه وحمولته.

يحمل مسلم مسؤولية هذا التردي الذي تعرفه الحومة إلى السلطة والدولة والسياسيين الوصوليين من أبنائها، إذ يعتبر سكوت النظام على إنتشار “الدروكا” و”والهاش” و “الهروين”، دون تدخل السلطات لوقف هذا المد، والأخذ بيد الشباب وانتشالهم من مستنقع البطالة والإدمان، كما يقدم لنا أمثلة لبعض النماذج للشباب الذين تدمر مستقبلهم في الحومة إما قاتلا أو مقتولا أو منحرفا مدمنا أو عاهرة وحتى مهندسا مع وقف التنفيذ ..

أضحت أزقة الحومة كثكلى باكية تزعزع أساس بيتها الذي يعد اللبنة الأساس في بناء المجتمع، لا يحس بها إلا أبناء الحومة ممن تربوا في أحياء شعبية مثله ومثلنا، إذ نحن أبناء حي واحد وهو “سبيلة الجماعة”، الذي خرج من النخب والكوادر من أطر للدولة وسياسيين محنكين، والذي بات يشهد الآن موسم هجرة جماعي بعد أن أمسى مرتعا للمجون والسكر والعهر والإدمان، فهرب أناسه منه ذودا بأبنائهم وذويهم من السقوط في المستنقع الأسن.

صرخة مسلم بلغة بسيطة مفهومة عميقة الدلالة لحجم التحولات الإجتماعية التي يشهدها المجتمع المغربي.. هي صرخة ألم وحسرة تؤكد الرسالة النبيلة للفن الذي يجب الحفاظ عليها عوض جرها لنفس المستنفع الذي سقطت فيه الحومة.

الوسوم

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق