سياسة
فيصل الأمين البقالي: مطلبيات ما بعد “4 شتنبر”
فيصل الأمين البقالي
في احتجاجات طنجة، نحن بين نارين: نار التبخيس والتهوين، ونار التهويس والتهويل .. والحال أنها لحد الآن احتجاجات مشروعة وناجعة .. والتعامل الرسمي معها على وجه العموم سواء من جهة السلطة أو جهة التسيير الجماعي كان إيجابيا ..
هذه الاحتجاجات بالنسبة لعموم المواطنين التحام مطلبي واتحاد شعبي وهو أمر من الأهمية بمكان .. فكل التحام في زمان الفردانية المعولمة هو انتصار للإنسان في مقابل مسلسلات التنميط والمسخ .. والعزل والتفكيك والفسخ ..
هذه الاحتجاجات بالنسبة لأصحاب المشروع الإصلاحي المنتخبين ديموقراطيا غداة انتخابات شهد لها الجميع تقريبا بالنزاهة والشفافية وارتفاع نسبة المشاركة – وأقصد بالتحديد إخواننا في حزب العدالة والتنمية – مصدر قوة في جلب مصالح وجبر أضرار المواطبين من خلال مفاوضات ما كان لها أن تتم بهذه السرعة واليسر لولا هذا الالتحام الجماهيري على مطلب لجم غلواء شركة “أمنديس”، رغم أن القانون واضح وكان من الأولى احترامه دون الحاجة إلى خروج الناس .. هذا الخروج الذي حقق مكاسب إضافية أهمها في تقديري احترام المواطن الطنجي الذي كم ذا دُفِعَ بأبواب وكالاتها فيما شهدناه بانفسنا مرارا وتكرارا ..
أرى أن ما تحقق اليوم هو إنجازٌ مُشْتَرَكٌ بين جماهير طنجة من خلال تعبئتهم الجماهيرية الحضارية والرصينة – وهذا هو الأصل – وبين ممثليهم المنتخبين في حزب العدالة والتنمية وهم من الناس وإليهم مهما قال القائلون أو زايد المزايدون أو عبَّرَ عن نوعٍ من الخسيسة والضغن المُعَبِّرون .. وليس أفضل من صالح مصلح لطالب حق بالمعروف ..
لا لتهوين ما قام به الطنجاويون ولا لتهويله .. لا للنظر إليه “من فوق المنخر” تعاليا و”تَنَخُّباً” .. ولا لرؤيته على أنه إسقاطٌ لشرعيات قائمة وتشويهٌ لسياسيي الإصلاح من الداخل الذين عادة ما يبدأون تسيير سفنهم في مناخات قاسية ورياح عاتية يكون طرفا فيها مع الأسف حتى بعض الفضلاء من الأقارب والإخوان ..
“4 شتنبر” تزداد شرعية اليوم .. “4 شتنبر” تقول: الناس تختار من يسير شؤونها .. تراقبه وتحاسبه وتعطيه شرعية التفاوض القوي واتخاذ القرارات المناسبة .. وتسحب منه الثقة متى ما أخل بالموعود ..
“4 شتنبر” تزاداد ترسخا اليوم .. لأن روحها تتبرج لأصحابها .. لأن من أفرزتهم قد تعلموا درسا جيدا في كيف يجب أن يكون تسييرهم وتعاطيهم مع الناس .. يقول لهم الناس: كونوا أقوى مع المفسدين .. كونوا أحزم مع خرق القانون .. كونوا أسرع تجاوبا وأقنع جوابا .. !!!
“4 شتنبر” ليس عنوانها بالضرورة فوز حزب العدالة والتنمية وتصدره خصوصا في المدن الكبرى .. وليست شيكا على بياض لأي كان ومهما كان .. وليست من باب أولى لسدنة الفساد والتحكم والاستبداد ..
“4 شتنبر” عشم في المسار الإصلاحي الرصين المستند إلى شعبية قوية وصفحة نقية ..
“4 شتنبر” هي محطة هامة وغير نهائية في طريق الإصلاح السياسي المنشود .. وبالتالي فهي محتاجة لجرعات من هذا الذي أذاقه أهل طنجة للجميع .. لأنها تذكرنا جميعا بشروط الانتقال السوي والالتزامات التي من شأنها ان تصون هذا المسار .. وعلى رأسها القرب من المواطنين الذين يعتبرون أنفسهم ممثلين بصدق فيعبرون عن احتجاجهم بصدق ..
أسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا الحكمة وفصل الخطاب .. وان يعرفنا نعمه بدوامها لا بزوالها .. وأسأله أن يرينا من بعضنا الخير والعون لا الشر والبأس .. وأن يرزقنا سعة الأفق وبعد النظر وذكاء الإحساس حتى نفهم عن بعضنا ويحسن تواصلنا .. اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه .. وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه .. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم