مقالات الرأي
المغرب ما زال في زمن التحكم و بعيد عن الديمقراطية
أحمد العمراني
كان يعتقد العديد من العارفين بخبايا السياسة أن المغرب قد قطع مع زمن التحكم و الضبط سواء من الدولة أو من جهات أخرى كانت تسمى بالحزب السري في زمن البصري ،و مؤخرا تحت مسمى الدولة العميقة و ما شابه ذلك بعد تأسيس حزب الأصالة و المعاصرة سنة 2009 من طرف فؤاد عالي الهمة .
و الغريب أن هناك أطراف في الدولة تشتغل ضد الدولة ، كيف ذلك ؟ فتأسيس حزب الأصالة و المعاصرة لم يكن قيمة مضافة بل بني هذا الحزب من خلال استقطاب أطر و قيادات و مناضلين للعديد من الأحزاب الصغرى ، لكن الخطر هو العمل على تفكيك البنية الحزبية لأحزاب كبرى بالأقاليم و العمالات لتلتحق كفاءات و أطر متمرسة في السياسة بهذا الوافد الجديد مما أضعف حزب الاستقلال و حزب الاتحاد الاشتراكي حيث تم استنزافهما و إضعافهما ، و هذا ما سيشكل خطرا حقيقيا على توازن المشهد السياسي ،
فالسياسة و الاستقرار و الواجهة الديمقراطية لا تتطلب فقط وجود أحزاب كيفما كان واقع تنزيلها و إقحامها في المشهد السياسي لأجل الحصول على المقاعد في الجماعات الترابية و الجهات و البرلمان بهدف التحكم في القرار و التوجهات، بل الديمقراطية الحقيقية تتطلب وجود أحزاب وطنية ذات شرعية شعبية وتاريخية و هذا ما نجده فقط في حزب الاستقلال و حزب الاتحاد الاشتراكي و حزب التقدم و الاشتراكية و حزب الاشتراكي الموحد و حزب العدالة و التنمية و حزب الحركة الشعبية ، أما باقي الأحزاب المتواجدة في الساحة السياسية حزب التجمع الوطني للأحرار و حزب الاتحاد الدستوري و حزب الأصالة و المعاصرة فهي أحزاب أنشأها على التوالي كل من أحمد عصمان و عبد اللطيف السملالي و فؤاد عالي الهمة و بالتالي الهدف من إنشائها هو التحكم في الخريطة السياسية و الانتخابية و بالتالي التحكم في مصادر القرار و إخضاع القرار للرقابة و التوجيه و هذا ما يجعل من الدولة تبقى حبيسة القرار الفردي مع إشراك الأحزاب ذات الشرعية الشعبية و التاريخية عند الضرورة كما حدث مؤخرا مثلا عندما تبين أن دولة السويد تتجه لإصدار قرار الإعتراف بدولة البوليساريو الوهمية ، و تبين أن حزب الاتحاد الاشتراكي و حزب الاستقلال لهما دور استراتيجي بالنسبة للدولة في العلاقات الخارجية ، أكثر من هذا لو مثلا تم حل هذين الحزبين لأصبحنا في يوم الغذ تحت ضغط تراجع ليس أقل من مائة دولة التي ألغت اعترافها بجمهورية الوهم ، و أجزم أن الجزائر و اسبانيا لا ترتعد فرائسهما إلا إذا تحرك حزب الاستقلال و بعده الاتحاد الاشتراكي لما يشكلانه من ضمير للأمة المغربية و لما لهما من علاقات تاريخية متينة مع أكثر من 150 دولة عبر العالم منذ خمسين سنة و أكثر ، و اتضح جليا مثلا أن أحزاب الإدارة لا دور لها في العلاقات الخارجية و في اعتراف الدول بمدى تقدم الوضع الديمقراطي بالمغرب ، ولذلك من التهور بناء أحزاب إدارية على ركام حزبين وطنيين تاريخيين لهما الشرعية الشعبية رغم ضعفهما و رغم الكلام الكثير عن قيادتهما الحالية