سياسة

كرة القدم و أزمة القيم

عبد الفتاح بنهنية

         طالب باحث مغربي

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَعِرْضُهُ وَمَالُهُ ”

 

تعيش المجتمعات العربية عامة والمغربية على وجه الخصوص وضعا كارثيا في علاقتها بكرة القدم كرياضة تستأثر اهتمام العالم بأسره.

فالأمر لم يعد يقتصر على كونها مجرد لعبة محددة في إطار مكاني وزماني، وأدوار ترفيهية وثقافية، بل تعدته لتصبح الشغل الشاغل لحياة الإنسان العربي.

فإن كانت دولنا العربية تعاني من شتى مظاهر التخلف والتناحر والطائفية والفتن، فإنها اليوم تعاني أيضا من أزمة حقيقية في قيمها وأخلاقها بسبب الرياضة الأكثر شعبية في العالم.

بمجرد زيارتك لإحدى المواقع أو صفحات مواقع التواصل الإجتماعي المتخصصة في كرة القدم، تصطدم بنقاشات لا تكاد تخلوا من عبارات السب والقدف والعصبية والعنصرية. فتجد المغربي يجاحد الجزائري، والأخير يسابب المصري، والخليجي يحتقر المغاربي، والجميع يسب الجميع.

أما مغربنا الحبيب، فبعد أن أنعم الله علينا فيه بنعم الأمن والأمان، تأبى عصبية الجاهلية إلى أن تفسد علينا استقرارنا بين الفينة والأخرى. فأصبحنا مع الأسف نسمع عن وفيات وجرحى بين صفوف بعض الجماهير، وصراعات مع رجال الأمن، وتعد على الممتلكات العامة والخاصة، واعتداء على المواطنين والمواطنات بالشوارع والطرقات العامة.

وأخطر ما في الأمر، أنك أصبحت تجد في بعض المدن وفي البيت الواحد مشجعا لفريق وآخر يهتف لغريمه، وتجد ولاء المشجعين لفرقهم أكبر بكثير من ولائهم للقرابة الدموية بل وحتى لدينهم.

إن القضية تعدت كونها سلوكات متشتتة بين مجموعة من الأفراد يمكن أن يغض عنها الطرف وتجاهلها لعدم أهميتها، بل أصبحت اليوم مسألة قيم تكبر مع الإنسان منذ نعومة أظافره. والسبب في هذه الحالة توريث الآباء التعصب للفرق لأبنائهم والإخوة الكبار لإخوتهم الصغار، وهكذا دواليك.

إن المسؤولية اليوم تقع على عاتق الجميع، أسرة ومدرسة وحكومة وبرلمانا وجمعيات المجتمع المدني وإعلام. كل يجب أن يدلي بدلوه ويقوم بدوره من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه. فالأجيال القادمة تستوجب تنشئة خاصة في هذا المجال تراعي الظروف والتغيرات المطروحة في العصر الحالي. أما شباب اليوم ممن تجرعوا حقنات العصبية الزائدة فعلاجهم يستوجب مقاربة متكاملة، مبنية على العامل الأخلافي والقيمي، باستحضار مختلف عناصر التوعية والتحسيس، ودون إغفال الجانب الزجري والعقابي للمخالفين.

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق