مقالات الرأي

قطاع النظافة بطنجة .. تطور واضح والقادم أفضل

بقلم: ذ. محمد كرم البريق

مستشار جماعي بالمجلس الجماعي لطنجة

ملف النظافة من الملفات الحساسة في تدبير الجماعات، وهو من المؤشرات الدالة على حسن أو سزء التدبير ، ولا يخفى على اي متتبع للعمل الجماعي بمدينة طنجة أن قطاع النظافة عرف خلال ولاية المجلس الحالي تطورا واضحا وأداء متميزا رغم مجموعة من الصعوبات والاكراهات، واهم المراحل المفصلية التي يظهر فيها هذا النجاح هي مناسبة عيد الأضحى المبارك ومرحلة فصل الصيف بشكل عام، وفترة الزيارة الملكية الميمونة للمدينة، الشيء الذي يجعل جميع زوارها يثني على مدينة طنجة ثناء خاصا بسبب نظافتها وجماليتها بعدما يلمس الفرق الواضح بين هذه المدينة وبين المدن المشابهة لها في حجمها وديناميتها الاقتصادية، كما تشهد عموم ساكنتها  على التطور الملموس في قطاع النظافة من ولاية انتدابية الى أخرى.

طبعا هذا الاداء المتميز لم يأت من فراغ، بل حصل بفضل مساهمة كل المتدخلين في القطاع ابتداء من مسؤولي الجماعة والمقاطعات الاربع بالمدينة وعموم المنتخبين، وكذلك بفضل الاهتمام الكبير للسلطات الولائية بالجهة ومصالحها في قطاع البيئة وكافة المنتسبين للسلطات المحلية والانخراط الايجابي لفعاليات المجتمع المدني وعموم ساكنة مدينة طنجة.

فقطاع النظافة تطور ايجابيا بفضل الحملات التحسيسية الموجهة للساكنة  والتجاوب المستمر مع شكاياتها وبفضل التواصل والتفاعل الدائم مع طلبات جمعيات المجتمع المدني، وكذلك عن طريق اللقاءات التواصلية المباشرة والمشاركة في اللقاءات والايام الدراسية وكذا الحوارات الصحفية والاذاعية لمسؤولي الجماعة والمقاطعات المكلفين بهذا الملف، والاستفادة من استخدام جميع  وسائل التواصل المتاحة، مع اعطاء الاهمية اللازمة للعرائض والمذكرات المقدمة في القطاع، كما تحسن القطاع بشكل ملموس بفضل الاجتماعات التقنية الدائمة مع مسؤولي شركات التدبير المفوض في الجماعة والمقاطعات الاربع وكذلك بالتتبع المستمر لأطر المصلحة الدائمة للمراقبة.

لكننا جميعا كمنتخبين وكمسؤولين وفاعلين جمعويين وساكنة المدينة رغم الارتياح والرضا على الوضع الحالي لابد لنا أن نطلب ضمان المزيد من التحسين في قطاع النظافة والتجويد في خدماته من خلال العقد الجديد الذي يتم تهييئه للمرحلة المقبلة.

وفي هذا السياق يمكن التأكيد على ان دفتر التحملات الجديد  لقطاع النظافة والذي صادق عليه المجلس الجماعي في دورته الاستثنائية الاخيرة بالاجماع، قد استحضر مجموعة من الطموحات وأجاب على مجموعة من الاشكاليات الحالية، اولا بفضل المقاربة التشاركية التي اعتمدت خلال اعداده، واساسا بفضل الارادة السياسية لمكونات المجلس الحالي أغلبية ومعارضة، ناهيك عن التشاور مع المقاطعات منتخبين وموظفين ، دون اغفال الاستلهام من التجارب الدولية والمحلية الناجحة.

كما ان الاشتغال على اعداد دفتر التحملات هذا، والذي يمكن ان نعتبره الى حد كبير عملا نوعيا بفضل الاهمية التي اعطيت  منذ الوهلة الاولى لقطاع النظافة داخل برامج اشتغال المقاطعات الأربع وكذلك داخل برنامج عمل الجماعة، والتي خصصت له برنامجا متكاملا تحت عنوان البرنامج 6 : طنجة مدينة نظيفة وتندرج تحته مجموعة من المشاريع، وصل عددها الى سبعة مشاريع خالصة لقطاع النظافة ومشروعين مرتبطين بالمياه العادمة واللواء الازرق للشواطئ،كلها تم تنزيلها وتحقيقها باستثناء مشروع واحد مازال الاشتغال عليه قائما .

فالمشروع الأول يستهدف تقوية قدرات المراقبة والتتبع، وهذا نجحت فيه الجماعة بنسب مقدرة، فيما يستهدف المشروع الثاني انشاء مركز التحويل ، وهو ما يوجد في مراحله الاخيرة وتأخرت اللمسات الاخيرة لاتمامه بسبب ظروف جائحة كورونا، وأما المشروع الثالث وهو الذي لم يتم اكمال الاشتغال عليه ويتعلق باعداد مخطط جماعي لتدبير النفايات وذلك بسبب ارتباطه بالمخطط الجهوي والاقليمي، فيما المشروع الأكبر أهمية وحساسية والمتعلق باغلاق وتأهيل مطرح مغوغة فهو يعتبر اكبر انجاز لهذا المجلس ويعالج مشكلا أرق ساكنة المدينة لما يزيد عن أربعين سنة، وكذلك بالنسبة للمشروع الخامس فهو مشروع نوعي ولا يقل أهمية من مركز التحويل، فهو يتعلق بتهيئة مواقع لتجميع الردمة ومخلفات البناء، فهو في طور الاعداد والانشاء وسيكون بجوار مركز التحويل في خطوة نوعية للتغلب على هذا الاشكال بشكل نهائي.

أما المشروع السادس فيرتبط بتطوير الاطار التعاقدي للتدبير المفوض وهو ما سيجيب عنه دفتر التحملات الجديد بشكل ملموس، في حين يتعلق المشروع السابع باحداث شرطة بيئية وهو الورش الذي انطلق منذ مدة بشكل جزئي على ان يتم تعميمه لاحقا.

وبالاضافة الى كل هذه المشاريع، فهناك اشتغال جدي ومكثف في الاونة الاخيرة على انهاء ملف المستودعات الوسيطة، فقد اطلقت الجماعة مسار نزع الملكية لأربع قطع ارضية لانشاءها على تراب المقاطعات الاربع بالاضافة الى المستودع الوسيط الناجح بحي ادرادب بمقاطعة المدينة.

وطبعا كل هذه النتائج ما كان لها ان تتحقق لولا حرص مسؤولي الجماعة على تفعيل مقتضيات الحكامة الجيدة، وهنا يمكن ان نستحضر بشكل اساسي:

  • تطوير القدرات والمهارات لموظفي الجماعة في مجال التتبع والمراقبة لعمل الشركتين
  • تكليف المقاطعات بالتتبع الميداني لعمل الشركتين والتواصل مع الساكنة وجمعيات الأحياء وادماج مقترحاتها الايجابية
  • الانعقاد المنتظم للجان التتبع بالمصلحة الدائمة للمراقبة تحت رئاسة عمدة المدينة
  • القيام بمهام افتحاص شامل ومنتظم عبر سنوات بالاستعانة بمكتب دراسات متخصص
  • العمل على تطبيق الغرامات التعاقدية والهادفة بالاساس الى رفع الجودة والاداء اكثر من استهدافها العقاب والزجر

اذن، فبفضل كل هذه العوامل المهمة من اعتماد للمقاربة التشاركية والتشاورية مع الهيئات المتدخلة في القطاع واعمال الجماعة لمقتضيات الحكامة الجيدة وادماج المساهمة الايجابية للمقاطعات والاستفادة من الانخراط الكبير لفعاليات المجتمع المدني، تمكن المجلس الحالي من التقدم خطوات مهمة في مسار تطوير قطاع النظافة بالمدينة ، وبالاستمرار على نفس هذا النهج يمكنه ان يتقدم اكثر فأكثر في تطوير هذا القطاع  كما يمكنه تجويد خدماته أحسن فأحسن.

وكل ما سبق ذكره  هو ما يجعلنا اليوم في سياق اعداد دفتر التحملات القادم قادرين على الحديث على جيل جديد من الخدمات وكذلك على أسلوب جديد في تدبير القطاع من خلال القدرة على القيام بـ :

  • تغيير جزئي ايجابي لمحيط التدبير النفوض وتقسيم الشركتين بين المقاطعات الاربع (شركة لكل مقاطعتين)
  • ادماج التدبير الذكي في التتبع والمراقبة لمستوى ملء الحاويات وموقعها
  • تحسين جودة وطريقة غسل الحاويات ورفع وثيرة غسلها
  • ادماج التتبع الذكي لمسارات ومواقع عربات الكتس اليدوي
  • العمل على تنظيف الشواطئ صيفا وشتاء
  • الزام الشركتين بالحصول على شهادتي ISO 9001 الخاصة بتحسين نظام الجودة، و ISO 14001 الخاصة باحترام معايير البيئة
  • تطوير نظام المراقبة والشكايات من خلال ثلاث تطبيقات ذكية محمولة احدها خاص بشكايات المواطنين المباشرة، ثانيها مخصص للتتبع الميداني لأطر وأعوان الجماعة والمقاطعات، وثالثها تطبيق خاص بتتبع المكونات التقنية لتنفيذ مقتضيات العقد
  • اعتماد نظام المراقبة بالكاميرات في مستودع الشركتين والمستودعات الوسيطة
  • التطبيق التلقائي للغرامات على الشركتين بناء على صور محددة ومتضمنة للموقع الجغرافي (يعني تنفيد غرامات مباشرة بعد ارسال صور فيها حاويات ممتلئة مع نفايات على الارض مع ضرورة انجاز التدخل المطلوب)
  • رفع عدد الحاويات المدفونة تحت الأرض
  • تعزيز وتيرة الكنس اليدوي
  • توفير احتاطي الزامي خاص بالحاويات والشاحنات والمعدات
  • تنظيم حملات تحسيسية داخل الأحياء طوال السنة دون الاقتصار على الحملات الموسمية خلال فصل الصيف او بمناسبة عيد الأضحى المبارك

وختاما، يمكن القول أنه رغم كل ما بذلته الجماعة من مجهودات لتطوير قطاع النظافة وما تحقق من انجازات وما تراكم لدى موظفي ومنتخبي الجماعة في القطاع من خبرات، الا انه يبقى لزاما علينا طرح بعض الاشكالات التي لم نتوصل فيها الى حلول ناجعة في النسخة الحالية من التدبير المفوض لقطاع النظافة بفعل عوامل خارج ارادة الجماعة واطرها :

  • مشكل المنتجين الكبار للنفايات المنزلية من قبيل الفنادق والمطاعم
  • مشكل الرمي العشوائي للنفايات الصناعية من بعض الوحدات الصناعية
  • مشكل زجر المخالفين من المواطنين والمهنيين رغم كل جهود التوعية والتحسيس
  • مشكل الرمي العشوائي للردمة ومخلفات البناء
  • مشكل الرعي الجائر داخل المجال الحضري

وهذا ما يستوجب منا جميعا كساكنة لمدينة طنجة وكمجتمع مدني فاعل ومؤسسات منتخبة وسلطات محلية ان نضع اليد في اليد لحل هذه الاشكاليات فيما تبقى من زمن العقد الحالي، على أمل تجاوزها بشكل نهائي من خلال مقتضيات العقد القادم.

ولكن بكل تأكيد، فالخير أمام والقادم أفضل.

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق