مقالات الرأي

الدورة الاستثنائية لمجلس القصر الكبير.. حكاية سياسية قبل أن تكون قانونية

حميد الجواهري

أثار حدث عدم انعقاد الدورة الاستثنائية ليوم 13 نونبر الماضي، وذلك بسبب عدم توفر النصاب القانوني، نقاشا متكررا على صفحات الناشطين القصراويين في الفايسبوك، وعلى صفحات بعض المواقع الالكترونية بمقالات إخبارية وتحليلية…
هذا النقاش عكس وجهة نظر مختلف الاستقطابات المحلية، بتلاوينها الداعمة و المعارضة والصامتة أيضا..، وهو نقاش يعبر في بعض أجزائه الأكاديمية والسياسية عن صحوة سياسية يقظة، و في أخرى ليست إلا تعبيرا عن ممارسات سياسية تنعكس رأيا على صفحات الفايسبوك..!
إن هذه المقدمة ضرورية لفهم طبيعة النقاش المحلي، في هذه المناسبة الاستثنائية و في غيرها من قبل، و تحليل الخطاب السياسي المحلي قد يفيدنا في فهمه أكثر.. ، وهو يهمنا في هذا النقاش المتعلق بالخلخلة السياسية التي أحدثتها الدورة الاستثنائية..
إن النقاش القانوني حول فشل انعقاد الدورة مفيد ولا شك، غير أنه لا يمكن التعويل عليه في فهم “البلوكاج” الممكن الحدوث؛
ولعل المشرع عندما تحدث بصرامة في منطوقه في المادة 67 من القانون التنظيمي للجماعات 113.14عن إجبارية حضور الدورات، حيث اعتبر أن تغيب أي عضو بدون مبرر يقبله المجلس، لثلاث مرات متتالية أو خمسة مرات متقطعة يعتبر مقالا بحكم القانون، ويكتفي المجلس بمعاينة هذه الإقالة في اجتماع..، إلا أن المشرع ظل مرنا مع ذلك في معالجة إشكالات التدبير المحلي؛
نستشف ذلك من خلال نيته في سن المادة 42 من نفس القانون، حيث طرح حلولا مرنة في وجه أي بلوكاج محتمل(وهو هنا يستحضر إمكانية التغيب الجماعي)، سواء كان ذلك في دورة عادية أو استثنائية، فالنصاب القانوني مطلوب دائما من أجل الانعقاد القانوني لاجتماع الدورة، غير أن المشرع استحضر إمكانية عدم اكتمال النصاب القانوني، فعالج ذلك بإمكانية الاستدعاء الثاني و الثالث كما هو مفصل في هذه المادة..؛
ما يهمنا هنا هو أن التدبير المجالي وحتى الحكومي مفتوح في أي وقت على انعكاسات التجاذبات السياسية وحتى المصلحية، ولعلنا تابعنا ذلك البلوكاج الحكومي الذي حدث إثر تكليف بنكيران رئيسا للحكومة بعد الانتخابات التشريعية، والتي كانت أسبابه سياسية مصلحية..، هذا البلوكاج الذي امتد لشهور وأثار جدلا قانونيا وسياسيا طويلا، وفتح فيه النقاش حول ما يسمى ب(هدر الزمن التنموي)..، وقبله حدث انسحاب حزب الاستقلال التاريخي السيد بنكيران نفسه في الولاية السابقة..؛
وفي الحدث الذي نناقشه، لا ينبغي تغييب تأثير التجاذبات السياسية داخل الأغلبية، أو بين هذه الأخيرة و المعارضة، في هذا الصدد لا يمكننا تناسي ما أحدثه ذلك الحراك الذي قاده خمسة من أعضاء المجلس من فريق الأغلبية في السنة الماضية، والذي فتح الأبواب على احتمالات أخرى من البلوكاج المحلي..!
إن التحليل الموضوعي للزمن التنموي، ينبغي أن ينصرف إلى مجمل الإشكالات السياسية الناتجة عن طبيعة الممارسة السياسية في بلدنا وفي بلدتنا، والتي لا ينبغي معالجتها بتحليل مغرق في الطهرانية..؛

فتموجات أقطاب هذه الممارسة ومعهم من يحللها، لا يمكن ضبطها في سياق واحد، وفي مصلحة سياسية واحدة، والتصفيق لها اليوم قد يصدمك في الغد..!
ولعل القارئ سيجد في عباراتي الأخيرة بعض الإبهام، لكنني لا أملك غيرها تعبيرا في هذه اللحظة، حتى لا أغضب أحدا من عوالم السياسة أو التحليل السياسي..

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق