سلايدر الرئيسيةمقالات الرأي

المعز يكتب: العملية السياسية بمدينة طنجة.. مفاتيح لتلمس المشهد السياسي القادم

سواء كنت من متابعي العمل السياسي ، أو من الذين استقالوا من مهمة المشاركة السياسية و متابعة وتقييم إفرازتها ، و جعلوا سلاحهم فقط الدعاء على كل السياسيين في الخفاء أو في العلن ، فإن إفرازات العملية السياسية التي ستجري في الأشهر القادمة ستصيبك أثارها إن عاجلا أو آجلا. فتدبير الشأن العام المحلي وإن كان في غالبيته متحكم به من طرف السلطة الادارية المركزية في اطار اللاتركيز الإداري ، حيث يتم التحكم في تدبير المدن عبر مجموعة من القوانين والمساطر المعقدة والمتشابكة التي تجعل السلطات المحلية المتحكم الوحيد والأوحد في تدبير الشؤون المحلية، إلا أنه لا زالت هناك مجموعة من الاختصاصات المحلية المسندة للمنتخبين المحليين التي تجعل من أدوارهم أدوارا مهمة في تدبير المدينة ، وهو ما يشعل التنافس في كل استحقاق انتخابي ، وأي محاولة لاستيضاح الصورة التي ستفرزها العملية الانتخابية المقبلة ، تدعونا للإجابة بداية على الأسئلة التالية :

1- نسبة المشاركة : حيث بلغت في الانتخابات الجماعية لسنة 2015 37.66% و%30 في الانتخابات التشريعية لسنة 2016، وذلك في سياق سياسي مفعم بأمال التغيير عكس ماهو حاصل اليوم .

وتكمن أهمية نسبة المشاركة في عدد الأصوات التي يجب تأمينها لبلوغ العتبة، فكلما كانت نسبة المشاركة عالية تصبح عملية تأمين الأصوات باعتماد المال الانتخابي صعبة المنال، في حين تستفيذ الاحزاب ذات المرجعية اليسارية سابقا والإسلامية حاليا من ارتفاع نسب المشاركة. ويتوقع في الظرفية الحالية حسب رأيي ، ألا تتجاوز نسبة التصويت 25% بمدينة طنجة وذلك في أول تجربة ستعرف تجميع الانتخابات الجماعية والتشريعية بيوم واحد.

2- دور الأعيان في العملية الانتخابية : يشكل الأعيان علامة بارزة في الانتخابات المغربية منذ سبعينات القرن الماضي، حيث يعمدون إلى ولوج المجالس المنتخبة لضمان مصالحهم المختلفة، ويعمد بعض الأعيان إلى دعم مقاربيهم والمنتخبون الأحرار بالمال والنفوذ من أجل الفوز بالانتخابات، وأينما رحل وارتحل الأعيان تتقوى الأحزاب او تنهار، فأحزاب الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري، استفادت بمدينة طنجة من دعم أعيان العقار والمقاولات الصناعبة والخدماتية والصيد البحري ، فنزول الأعيان ومن يختارونه ضيوفا على أي حزب، يجعل الحزب يتقوى و يصبح مرشحا انتخابيا ويحسب له ألف حساب .

3- المنتخبون الأحرار : تعرف طنجة؛ كما مدن المغرب الأخرى، تواجد مجموعة من محترفي الانتخابات، هم أشخاص يمتلكون شبكة من العلاقات مع المواطنين ومجموعة من المؤثرين بالأحياء، يعقدون صفات مع الأحزاب والاعيان من أجل ضمان الحصول على خدماتهم حينما يصلون الى مواقع القرار. فمن مسلمات العمل الانتخابي، أن المال مهم ولكن الأهم الأشخاص ذوي الثقة الذين يحسنون توزيع المال بحرفية ونجاعة تمكن من الحصول على الأصوات المطلوبة. فحركية هؤلاء مؤشر على انتقال القوة الإنتخابية بين الأحزاب المتنافسة بمدينة طنجة .

4- دور الإدارة : ما تزال الإدارة الفاعل الرئيسي في العملية السياسية والإنتخابية منذ الإستقلال، فاختصاصاتها في الإشراف على المجالس المنتخبة و العملية الانتخابية والسياسية، يجعلها اللاعب الرئيسي في العملية، تميل الكفة إلى الجهات التي تحصل على رضاها، و تنتصب عراقيل عدة بالنسبة لمن تنظر إليهم الإدارة بأعين الريبة وعدم الارتياح لمشاريعهم السياسية .

ويعتبر أعوان السلطة من المقدميم والشيوخ أشخاص إنتخابيين بإمتياز بحكم خدمات القرب التي يقدمونها خاصة للفئات المحتاجة والهشة بالأحياء الشعبية.

5- الأحزاب التقليدية وذات المرجعية الإسلامية : في ظل محدودية النتائج المسجلة في الإنتخابات السابقة والحركية السياسية المسجلة لأحزاب الإتحاد الاشتراكي وحزب الإستقلال والتقدم والإشتراكية والحركة الشعبية بمدينة طنجة فإن أدوارهم ستبقى جد محدودة في رسم الصورة المقبلة للمشهد السياسي بالمدينة، فيما سيبقى حزب العدالة والتنمية الفاعل الأساس الذي سيوجه له الاهتمام، فهو المرشح لتصدر الانتخابات المقبلة بالنظر إلى نتائجه السابقة وقوته التنظيمية، إلا أن هاته الصدارة تعيقها صعاب عدة بعد الانتكاسات المتوالية التي شهدها الحزب والتي أدت الى فقدان العديد من الأسماء المؤسسة للحزب وأخرى قادت التخصصات التي أحدثها الحزب لتشكل خزان أصواته الانتخابية، وفقدان أصوات العديد من المتعاطفين معه، إما لأسباب تتعلق بتدبيره للمدتين الانتدابيتين السابقتين أو بسبب مساندته لمواقف سياسية للدولة اتجاه بعض النقاط التي تؤسس عقيدة أعضاء الحزب ومتعاطفيه خصوصا في مسألة التطبيع مع الكيان الصهيوني.

إن تلمس أجوبة على المفاتيح التي تم طرحها ستجعلنا نتلمس صورة المشهد السياسي المحلي في الفترة المقبلة ، والذي لن تخرج ملامحه عن سيناريوهات محدودة تتمثل في :

السيناريو الأول : فوز حزب العدالة والتنمية بأكبر نسبة من المقاعد في الانتخابات الجماعية، و تشكيل تحالف مع الأحزاب التي ستحصل على أعلى النسب. وحسب التوقعات قد يكونا حزبا الاتحاد الدستوري والأصالة والمعاصرة، فيما ستتموقع الأحزاب الأخرى في المعارضة أو تساهم بشكل صوري في التحالف عبر لجان المجالس والمقاطعات حيث سيعمل التحالف على تفويت مناصب صورية لتقليص أي دور محتمل للمعارضة .

السيناريو الثاني : انتكاسة العدالة والتنمية على المستوى المحلي واحتلال حزب آخر الصدارة، والتوقعات تشير لقوة مفترضة لحزب الاتحاد الدستوري في الانتخابات المقبلة، حيث سيعمل على التحالف مع حزب العدالة والتنمية لضمان استقرار في تدبير لجماعة طنجة، خصوصا أن حزب العدالة والتنمية أصبحت له دراية تدبيرية بأهم الملفات بالجماعة وسيكون معارض حقيقي اذا ما تم زجه في المعارضة.

السيناريو الثالث : انتكاسة حزب العدالة والتنمية وطنيا بالإنتخابات التشريعية، وبدأ مرحلة عزل الحزب من طرف الإدارة وتقليص حضوره في المشهد السياسي المغربي حيث سيتم عقد التحالفات المحلية بدون حزب العدالة والتنمية، حيث سيتم تجميع كل الأحزاب في مقابل حزب العدالة والتنمية الذي سيظر للعب دور المعارضة.

هي سيناريوهات من ضمن أخرى، إلا انها ستتغير حتما حسب التغيرات التي ستعرفها مفاتيح العملية الانتخابية التي تمت الاشارة إليها.

بقلم : عدنان المعز
باحث في مجال تدبير الشأن العام المحلي

الوسوم

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق