سياسة

تحولات المجتمع المغربي وسؤال التماسك الاجتماعي محور ندوة بالقصر الكبير

شارك في فعاليات الندوة العلمية التي تضمنها برنامج اليوم التكويني الذي نظمته الجامعة للجميع فرع القصر الكبير في موضوع: تحولات المجتمع المغربي وسؤال التماسك الاجتماعي، يوم السبت 25 نونبر 2017 أكاديميون وجامعيون ينتمون لعدد من الجامعات المغربية.

و افتتحت هذه الندوة بعرض بعنوان الاندماج الوطني في التماسك الاجتماعي تقدم به الدكتور عبدالله ساعف وزير التعليم السابق، تحدث فيه عن  أربع مكونات أساسية تتفاعل بقوة فيها بينها وهي الاندماج الاجتماعي والتماسك الاجتماعي والحكامة الأمنية السيادية والحكامة الديمقراطية.

 

وبين أن المكونات التي يتشكل منها الاندماج الوطني هي مكون اللغة وما يتعلق بأوضاعها القانونية والمؤسساتية، وقضية استعمالها حسب الجهات، وطابعها العملياتي على أرض الواقع، و مكون المسألة الثقافية بمفهومها الأنتروبولوجي من تقاليد وعادات و طريقة الحياة أو ما يسميه البعض بتمغربيت، وكذلك مكون وحدة الدين فالتغطية الترابية بالمساجد، حسب التقرير الديني يبين أن هناك 57000 مسجدا بمختلف المناطق ، لكن هذه الخريطة تعرف نوعا من التفاوت  بين المناطق وبين المجموعات السكانية.

و أشار ساعف إلى بعض التهديدات المتعلقة بهذا المكون الأخير، والتي جاءت في التقرير الديني الأمريكي تتمثل في الجوار، والإرهاب، والراديكالية، والتشيع، و الأنجلة .. والمنظومة المغربية  ترفض هذا لأنه يمس الاندماج الوطني، واعتبر المتحدث أن هذه المكونات الثلاث اللغة والدين والثقافة هي مكونات جدرية وأساسية توجد في قلب المجتمع وهي التي تعطيه دلالته و ترسخ هويته.

كما ذكر مكونات أخرى للاندماج الوطني توجد في مستويات أدنى على حد قوله كالسياسات الثقافية من خزانات ومكتبات ودور السينما ومراكز ثقافية.

ثم انتقل الضيف إلى إبراز مكونات التماسك الاجتماعي المتمثلة في الحاجيات الأساسية كالتعليم والصحة والسكن والتشغيل، و كل ما يمشي في اتجاه الحد من الفوارق والتفاوتات بين الفئات التي لم تحظى بالاهتمام الكافي كالمرأة وذوي الإعاقة والشباب وغيرهم، وهي تعيش فوارق ملحوظة لا وجود لتأطير قانوني ولا مؤسساتي، ولم يتم الاستجابة إليها بشكل أساسي، وكذلك مكافحة الفقر والا مساواة والتنمية الاجتماعية، واعتبر التماسك الاجتماعي يغذي الاندماج الوطني.

وهناك مجموعات أخرى التي لها تأثير قوي على الاندماج الوطني والتماسك الاجتماعي وهي قضايا المرتبطة باستمرارية الكيان الوطني والاجتماعي، أو يطلق عليه بإنجاز الاستقرار المرتبط بوحدة التراب الوطني، الحدود ومراقبتها قضية الهجرات قضية التهريب المخدرات والجريمة المنظمة، القدرات الأمنية للبلد وطريقة سيرها و حكامتها.

ويبقى آخر مكون تناوله هو الأخطار الممكنة الغير المنتظرة ومدى استعدادنا لها، وأكد على أن التماسك الاجتماعي لا يمكن أن يكون خارج الديمقراطية وقضية الحكامة المؤسساتية والإدارية وفاعليتها في القضاء الإعلام .

أما الدكتور فريد عمار فعنون مداخلته بالهوية والانتماء في التماسك الاجتماعي : مقاربات ومؤشرات، لامس فيها موضوع التماسك الاجتماعي من خلال بعض المقاربات مقاربة دوركايم والمقاربة الأثنولوجيا ومقاربة الروابط الاجتماعية ومقاربة التقاسم وقيم الانتماء.وحدد مفهوم الهوية والانتماء، فالهوية هي المميزات الفكرية والمعرفية التي يمتلكها الإنسان، في حين أن الانتماء هو مجموع الأحاسيس والمشاعر التي تشكل القناعة لدى الإنسان.

وبين المتحدث مستويات الانتماء التي تتسع من الفردانية إلى الإنسانية( الذات، الأسرة، الجماعة، الأمة، الإنسانية)، والتي تعمل المنظومة القيمية على تعزيزه من خلال غرس قيم الكرامة والاعتراف، وقيم العدالة وعدم الاقصاء، وقيم المشاركة والالتزام، وقيم الاستقلالية والاعتزاز بالذات.

ومن خلال المؤشرات التي عرضها المتعلقة بالهوية والتماسك الاجتماعي بالمغرب أظهرت بكون مؤشر درجة الارتباط بالأمة، ومؤشر الثقة في الأسرة، ومؤشر التضامن التقليدي في المجتمع والمرتبطة أساسا بالقيم الاجتماعية والأعراف والتقاليد الأصيلة للمجتمع، ومؤشر نظام التضامن المؤسساتي كنظام التغطية الصحية، ومؤشر الثقة في مؤسسة الجيش، تمتاز هذه المؤشرات وتعرف نوعا من التحسن.

واتصف مؤشر الثقة بين الأفراد ، ومؤشر الثقة في مؤسسات الأمن والقضاء، ومؤشر ارتباط المغاربة بالسياسية بالضعف والتراجع..

وعن الآثار الاقتصادية والاجتماعية للهجرة ألقى الدكتور محمد الخشاني عرضه

الذي قدم فيه يعض الأرقام التي تبرز عدد المهاجرين بالعالم والذي يفوق 254 مليون مهاجر، يمثل منهم المغاربة 5 ملايين منتشرين في أكثر من 100 دولة عبر العالم، وهو رقم يمثل 15% من ساكنة المغرب.

وتحدث عن التطور الذي عرفته الهجرة بدءا من الهجرة الفردية ثم التحول إلى التجمع العائلي، وكذا الهجرة السرية، ومن حيث نوعية المهاجرين فعدد كبير من المغتربين هم ذوو كفاءات وقدرات وشواهد عليا، و عدد هؤلاء من أبناء القصر الكبير يفوق 7117 مهاجرا.

و أن ما يميز المهاجرين المغاربة هو علاقة التعاضد والتماسك بأهلهم بوطنهم.

وتحدث الدكتور الخشاني عن آثار الهجرة على المغرب من عدة مستويات من ناحية التحويلات المالية، والتحويلات العينية، والتحويلات الجماعية، والتحويلات المعرفية، وكذا توظيف هذه التحويلات.

فمبلغ التحويلات السنوية يفوق 100 مليار تمثل ربع ميزانية الدولة، وتمثل 6 % من الناتج المغربي وتساوي ما يدره قطاع السياحة بالمغرب، كما بلغت التحويلات العينية ما بين 30% و35% من التحويلات المالية، وبخصوص التحويلات الفكرية أوضح أن الكفاءات المغربية تمثل نسبة 10.3% من المهاجرين المغاربة بالخارج.

وبالرجوع إلى تحويلات المجتمع المدني قدم المتحدث نموذج بعض الجمعيات التي تقوم بأدوار مهمة في التنمية بعدد من المناطق كما هو الشأن بالنسبة لجمعية من أبناء سوس أسست بفرنسا تتكفل بالتنمية في أكثر من 700 قرية.

ومن التحديات التي يواجهها المغرب بخصوص موضوع الهجرة هو كيفية المحافظة على هذه التحويلات وتنميتها، وكذا تحدي كيفية استقطاب هذه الكفاءات للاستثمار في المغرب.

وعن دور المنظومة التربوية في ترسيخ التماسك الاجتماعي ألقى الدكتور عزيز بوستة مداخلة حدد فيها مفهوم التربية وتأثيرها على الفرد المجتمع قصد تحقيق غايات منسجمة مع توجهات الدولة، وأوضح العلاقة بين التماسك الاجتماعي والمنظومة التربوية في ظل عدد من التغيرات العالمية كالعولة والمعرفة والتكنولوجيا، ومتغيرات محلية كالأسرة والمدرسة.

وذكر بوستة أن الفعل التربوي ازداد تعقدا في عصر العولمة بسبب عدد المتدخلين فيه، كوسائل الاتصال الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي والأنترنيت والفضائيات ووسائل الإعلام، في وقت انحسر فيه دور الآباء والمدرسين واستمرارية ثقافة تقليدية في ظل عالم سريع التغير، واكتساح قيم المجتمع الاستهلاكي، واتساع دائرة الحاجيات الأساسية للإنسان.

أما الدكتور إبراهيم الهراوة فتكلم عن العلاقة الناظمة بين القانون والتماسك الاجتماعي، وقدم بعض التعاريف للتماسك الاجتماعي وخاصة من الجانب السوسيولوجي وعلم النفس

وبين أن هناك علاقة وطيدة بين القانون والمجتمع، حيث يعمل القانون على حفظ التماسك الاجتماعي من خلال التأليف بين تلك المكونات والعناصر المكونة للمجتمع كما يراه القانونيون من كونه مجتمع متناسق تحكمه سلطة عامة، كما تحدث عن نظرية الضبط الاجتماعي التي جاء بها عالم الاجتماع روس، الذي حدد  14 آلية ووسيلة تضبط المجتمع يعتبر القانون واحدا منها.

وفي الشطر الثاني من مداخلته، ولمعرفة كيفية تدخل القانون لحفظ التماسك الاجتماعي تطرق إلى بعض مقوضات التماسك الاجتماعي التي أجملها في الهشاشة واللامساواة والتهميش والاقصاء، واعتبر الدكتور الهراوة أخطر هذه المقوضات هو تفشي خطاب الكراهية الذي يتصدى له القانون، هذا النوع من الخطاب من شأنه أن يقوض كل هاته الفسيفساء التي يتشكل منها المجتمع العربي والمغربي على وجه الخصوص.

وخلص بأن التماسك الاجتماعي لا يمكن أن يقوم إلا إذا تم هدم كل اليافطات التي تصنف الآخر وتهمشه وتقصيه، مع البحث على مساحة أوسع مشتركة تتأسس على الحق في الاختيار واحترام حقوق الآخر والتعاون والتضامن، ودعا المغاربة إلى ضرورة المحافظة على هذه الفسيفساء التي يتشكل منها المغرب بكل مكوناتها العربي والإسلامي والأمازيغي والحساني الصحراوي، وبكل روافدها الأندلسية والإفريقية والمتوسطية ..

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق