مقالات الرأي

الوجه الآخر للريع: إقليم وزان نموذجا

بقلم : الفاعل الحقوقي * نورالدين عثمان***

“يقال أن المناسبة شرط ” والمناسبة هي تصاعد إحتجاجات الشباب المعطل في إقليم وزان من أجل المطالبة بالحق في الشغل والكرامة الإنسانية وهي حقوق مكفولة دستوريا وفق التشريعات والقوانين الوطنية والإتفاقيات والعهود الدولية وبالتالي وجب على الجميع دولة وحكومة وعمالة ومجالس منتخبة العمل من أجل خلق فرص الشغل وتيسير الولوج إليها لهذه الفئة من الشباب المسحوق إجتماعيا والذي يعيش على هامش الدورة الإقتصادية أي” المنفى الإجتماعي” .
لكن في ظل فشل جل السياسات العمومية وطنيا ومحليا في التصدي لظاهرة البطالة التي أصبحت مقلقة للغاية خصوصا في إقليم وزان الذي تصل فيه نسبة بطالة الشباب إلى أزيد من 60% ” رئيس الجهة طنجة تطوان الحسيمة اعترف في وقت سابق أن نسبة البطالة في إقليم وزان تصل إلى 87 % ” مما يدل أننا أمام كارثة إجتماعية بكل المقاييس.
لكن وإذا كان الكل يقر بمسؤولية الدولة مركزيا ومحليا في إيجاد فرص الشغل للشباب المعطل كحقوق دستورية وهذا أمر لا جدال حوله ؛ فإن هناك أسباب أخرى تؤدي إلى تفاقم ظاهرة البطالة منها إستفادة فئة معينة من الريع وسط صمت الجميع حتى أصبحت من الطابوهات ؛ وهنا أقصد بالضبط الفئة التي إستفادة من إمتيازات” .. مقاهي؛ دكاكين؛ رخص النقل؛ مشاريع وأموال في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية…” وذلك عندما كانت ضمن الفئة العاطلة عن العمل.
وهنا لابد العودة إلى بداية المقال من التفصيل في الموضوع أكثر فبمناسبة خوض فروع جمعية الوطنية لحملة الشواهد في المغرب بإقليم وزان (… فرع زومي؛ المجاعرة؛ وزان؛ سيدي رضوان؛ سيدي بوصبر….الخ) لعدة إحتجاجات وإعتصامات من أجل المطالبة بالحق في الشغل والكرامة الإنسانية وهي حقوق مشروعة؛ لكن بالمقابل يحق لنا أن نتساءل عن مصير تلك الإمتيازات التي إستفاد منها الكثير من المعطلين في وقت سابق علما أن جلهم حصلوا على وظائف في القطاع العام والخاص ولم يعودو يصنفون ضمن خانة الفقر والهشاشة لكنهم لم يتخلوا عن تلك الإمتيازات لأبناء الإقليم العاطلين عن العمل والذين يعانون من كل أشكال التهميش والفقر وهم في أمس الحاجة إليها من أجل صون كرامتهم في حدها الأدنى على الأقل.
إن القانون واضح في هذا المجال ومن الأخلاق والقيم الإنسانية النبيلة والوطنية الصادقة كان على هؤلاء التخلي عن هذه الإمتيازات لمن يحتاجونها ؛ كما أن على السلطات الإقليمية التدخل من أجل إسترجاع تلك الإمتيازات التي أصبحت تدخل في خانة الريع من أجل إعادة توزيعها على الشباب المعطل؛ فلا يعقل أن يكون شخص موظف ويتقاضى راتبا من المال العام وفي نفس الوقت يستغل مقهى أو دكان أو رخصة نقل تدر عليه مداخيل مالية مهمة في حين أن الآخرين يعيشون بأقل من عشرة دراهم في اليوم.
إنه وفق المعطيات الدقيقة فإن عدد المستفيدين من هذه الإمتيازات الريعية يتجاوزن 300 حالة موزعة على كل الجماعات الترابية بإقليم وزان في ظل صمت الجميع لأهداف وغايات معروفة؛ وبالتالي وجب على السلطات الإقليمية لوضع حد لهذا النوع من الريع تطبيقا لمبادئ الشفافية والنزاهة والحكامة والتوزيع العادل للثروة التي هي مبادئ دستورية؛ كما أنه وجب على جميع المسؤولين العمل على خلق فرص الشغل لأبناء الإقليم من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
– ملحوظة : قد يقول البعض لماذا نحن بالضبط وهل ليس هناك ريع وفساد في جهات وفئات أخرى ؛ أقول أن الريع والفساد ينخر جل مؤسسات الدولة ولكن من كان يدعي أنه مناضلا في وقت ما عليه أن يقطع مع الريع ليكون قدوة للآخرين أولا؛ وثانيا عليه أن يجسد قيم التضامن مع زملائه السابقين على الأقل.

 

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق