سلايدر الرئيسيةسياسة

أستاذ جامعي: الأحزاب السياسية لم تستوعب حجم التحديات الكبيرة للظرفية الصعبة بالمغرب

قال حميد النهري، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بطنجة، إنه “ما يلاحظ بعد مرحلة المصادقة على القوانين الانتخابية، أن الأحزاب السياسية بالمغرب أعلنت عودتها إلى نهج نفس الممارسات التي عودتنا عليها خلال السنوات الاخيرة فتحركاتها هذه الايام منصبة فقط على عمليات استقطابات ومزايدات للمرشحين المحتملين وهذه العملية تتم بطريقة كاريكاتورية أدت إلى تكريس أكثر لظاهرة الميركاتو الانتخابي هذه الظاهرة التي تميز مشهدنا السياسي قبيل كل انتخابات”، مردفا أن “تزامن هذا الميركاتو مع الظرفية الصعبة التي تعيشها بلادنا جعلته يشكل استفزازا شديدا للمواطنين المنهكين بتداعيات الجائحة، بل إن هذا الاستفزاز امتد إلى الدولة التي لم تعد تردد في وجه الجميع سوى أسطوانة الضائقة المالية”.

وأردف المتحدث ذاته، أن “الأحزاب السياسية بهذه الممارسات ظهرت وكأنها لم تستوعب حجم التحديات الكبيرة للظرفية الصعبة التي تمر منها البلاد وعوض أن تتحمل مسؤوليتها وتبادر للمساهمة في تخفيف الاحتقان الاجتماعي الخطير الذي يلقي بظلاله على مجتمعنا ويزداد يوما بعد يوم جراء تداعيات الجائحة نجدها تنخرط بقوة فقط في مزايدات ظاهرة الميركاتو الانتخابي”، داعيا إلى نقاش  هذه الظاهرة التي لم يعد أصحابها يخفون انتهازيتهم بكل جرأة .

وشدد النهري، أن المغرب أصبح أمام وضع معقد، من خلال أحزاب سياسية لا تخجل بأن تصرح في خطاباتها أنها لن تزكي في الانتخابات المقبلة إلا أصحاب( الشكارة) لضمان أكبر قدر من المقاعد البرلمانية، بل أكثر من ذلك تتفاخر بهذا الأمر وتتهافت على استقطاب هذه النوعية من اللاعبين الكبار أي الكائنات الانتخابية المعتادة حتى وإن كانوا يملكون عقودا مع أحزاب أخرى فهي تسعى إلى منحهم عقودا أفضل وأكثر امتيازا من أجل جلبهم أو التهديد بإدخال منافسين جدد للاطاحة بهم، الشيء الذي أدى إلى عودة بروز العديد من الوسطاء وسماسرة الانتخابات لكن هذه المرة يشتغلون بطرق جديدة تتماشى والقوانين الانتخابية الجديدة لتنظيم هذه العملية والأكثر من ذلك أن هذه الممارسات تتم بطريقة علنية في تحدي صارخ لكل القوانين المنظمة.

ومن جهة أخرى، يضيف الأستاذ الجامعي أن هذا الميركاتو الانتخابي على صعيد القيمة المالية -وهذا هو الخطير- يظهر أنه لم يتاثر بالظرفية الصعبة وما زال مستمرا بل يمكن أن يصل مع مقتضيات القوانين الانتخابية الجديدة إلى أقصى مستوياته ضاربا عرض الحائط تداعيات وتأثيرات جائحة كورونا، وذلك على العكس مثلا عند المقارنة مع الوضعية العامة للميركاتو الحقيقي أي الميركاتو الكروي في أوروبا سواء الشتوي أو الصيفي نستنتج أن هذا الأخير سجل هذه السنة أدنى مستوياته من التعاملات وذلك نتيجة تداعيات الجائحة وتأثيرها على مالية حتى أعتى الأندية الرياضية الأوروبية.

وبخصوص الخطابات المتناقضة التي تدعو إلى تجديد النخب وفتح المجال أمام الشباب والكفاءات في حين جل القيادات الحزبية ما زالت في مكانها، عبر النهري عن أسفه من هذا التناقض الذي يميز مشهدنا السياسي منذ سنوات احزاب تُكثر من الخطابات الفضفاضة وتكرس نفس الممارسة قبيل كل انتخابات، مضيفا أن  النتيجة دائما تكون ضعف انخراطها وتجاوبها مع المبادرات الإصلاحية.

وتابع رئيس شعبة القانون العام السابق ،  أنه “يكفي مثلا الرجوع إلى الخطب الملكية التي دائما ما حملت رسائل واضحة للفاعلين السياسيين في هذا الاطار خطب تتضمن إصلاحات رائدة ومتقدمة تخص فئة الشباب وفئة الكفاءة لكن للأسف غالبا ما يقابلها ضعف كبير على مستوى التجاوب والمواكبة من طرف الأحزاب السياسية التي غالبا ما يهمها هو المحافظة على مصالحها الضيقة والتضحية بكل مبادرة إصلاحية الشيء الذي يؤدي الى استمرارية مشهد سياسي يتميز بأحزاب تفتقد أي قيمة مضافة حقيقية”.

واعتبر النهري أن هذا الضعف في التجاوب أيضا مع مطالب وطموحات المجتمع في هذه الظرفية الصعبة خصوصا فئات الشباب والأطر الكفأة، مشيرا إلى أن “أكثر من ذلك نجد أحزابنا زادت الوضع تعقيدا حيث كرست نوعا من الانتهازية وثقافة الريع لدى هذه الفئات التي أصبحت متشبعة ومؤمنة بثقافة الريع للمنافسة على مناصب المسؤولية عوض أن تفرض نفسها عن طريق النضال داخل هاته التنظيمات السياسية من أجل الإصلاح وتكريس مبدأ الاستحقاق”.

وأضاف، أنه “برزت للأسف هذه الثقافة لدى هذه الفئة عندما تم إلغاء لائحة الشباب بالنسبة لانتخابات 2021 لاحظنا ردات فعل وترافع شبيبات بعض الأحزاب السياسية بغية الاحتفاظ بنظام اللائحة مع أن الجميع يعلم أن هذه اللائحة لم تعمل سوى على تكريس ثقافة الريع في الانتخابات السابقة، نفس الشيء ينطبق على ما يطلق عليه بفئة الكفاءات”، مشيرا إلى أنه “هناك جزء قليل منها يحاول أن يفرض نفسه داخل الاحزاب السياسية رغم صعوبة الأمر، وجزء آخر اختار الانسحاب على طريقة (المقعد الفارغ ) والتفرج من بعيد في هروب تام من تحمل المسؤولية، وهناك جزء كبير من فئة الكفاءات وللأسف أصبح هذا الجزء من هذه الفئة يمثل الأغلبية ومتشبعا بثقافة الريع وينهج أسلوب الانتهازية في إطار صفقات مصالح شخصية إما مع القيادات الحزبية أو مع الدولة”.

وعن انتظارته من انتخابات 2021 خصوصا في هذه الظرفية الصعبة، أكد النهري أن الظرفية الصعبة التي تعيشها بلادنا على جميع المستويات تقتضي اليوم التوفر على مؤسسات قوية، من جهة حكومة تملك إرادة سياسية قوية وبرامج عملية قابلة للتنفيذ وقادرة على رفع التحديات التي تواجهها البلاد، ومن جهة اخرى في حاجة الى مؤسسة تشريعية فعالة لمواكبة وتأطير هذه التحولات.

واعتبر الأستاذ الجامعي، أن “الوضع لا يسمح بغير هذا التحدي وذلك قبل فوات الآوان خصوصا على المستوى الاجتماعي حيث يجب أن نعترف أن الاحتقان الاجتماعي وصل إلى مستويات خطيرة لا تبشر بالخير ولا تقتضي التأخير”، معبرا عن “أسفه من الوضعية الصعبة التي تعيشها البلاد حيث كان يمكن أن تشكل فرصة كبيرة ومواتية لأحزابنا السياسية كان يجب الاستفادة منها ونهج مبادرات سياسية جديدة تستطيع من خلالها إعادة الاعتبار الى العمل السياسي المسؤول”، مشيرا إلى أن “أحزابنا السياسية اختارت أن تعتبر هذه الوضعية الصعبة مرحلة وضعتها بين قوسين ورجعت إلى نفس الممارسات”.

الوسوم

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق